0

 

إضرام النار في كنيسة الجثمانية (الامم)

                              انتهاك اضافي لتطرف وارهاب بعض المستوطنين

بقلم الكاتب المقدسي

 فواز ابراهيم نزار عطية

5/12/2020



ما إن اعلنت الشرطة الإسرائيلية اعتقالها لمستوطن يبلغ من العمر 46 سنة، وهو من مستوطني القدس
بتهمة الاعتداء على كنيسة الجثمانية في القدس الشريف، الذي حاول إضرام النار فيها بإلقائه مواد حارقة بداخلها، حتى انتشر الخبر بين اوساط أهل القدس مستنكرين للعمل الجبان الآثم، وبتوافد عدد من شباب القدس للموقع للاطلاع والمعاينة عن كثب، بهدف تقديم العون والمساعدة ضمن ستاتيكو قديم جديد بين اهل القدس مسيحيين ومسلمين يد بيد اتجاه بوصلة القدس بوصلة العالم الحر بوصلة الحق، فلولا عناية الله ثم التدخل في الوقت المناسب وتصدي الحارس المسيحي والشابين المسلمين محمود وحمزة عجاج للمستوطن والسيطرة على النيران لكانت الكارثة سيدة الموقف، ولكانت الكنيسة اليوم أثر بعد عين.

تناقلت وسائل الاخبار المحلية الحدث بصورة معمقة بانتظار ردات فعل الجانب المحتل، إلا أن الامر كحادث جنائي عادي لم يعط الصدى نتيجة امعان سلطة الاحتلال بعدم تأزيم الحدث واعتباره امرا عاديا، ضمن سلسلة قواعد ومعاير طي الصفحة وماذا بعد.... لكن الحدث في الصحافة الخارجية ذُكر على استحياء، فلم نسمع جعجعة رئيس فرنسا مناويل ماكرون، ولم نسمع صياح وصخب رئيس امريكا دونالد ترامب، علما أن كليهما يلصقان الارهاب بالاسلام، ونسيا أن عنصريتهما وعنصرية الصهيونية العالمية اساس الارهاب، وبالتالي لا يقوى أي منهما ادانة التطرف والارهاب الفكري والفعلي للمستوطنين اليهود، علما أن الاعتداء وقع على معلم ديني مسيحي.

من المؤكد أن كنيسة الجثمانية التي اطلق عليها حديثا كنيسة الامم، بالنظر إلى مساهمة الامم الاوروبية في اعادة بنائها ضمن الطراز الحالي في القرن الماضي بين الفترة 1919-1924، لم تعد محطة اهتمام امم اوروبا لاسباب عديدة لا مجال لذكرها، لكن أهل القدس هم عنوان التصدي والوفاء وقاموا بالواجب وسيقوموا به بالنيابة عن امم اوروبا، ليؤكدوا مرة بعد مرة على قدسية التعايش في هذه المدينة المقدسة، التي تعتبر مثالا لماكرون وزبانيته بأن القدس مثل يحتذى به.

ومن المؤكد كذلك أن الرواية الاسرائيلية ستكون جاهزة في تقديم العذر القانوني للفاعل امام المحاكم الاسرائيلية، اختلال عقلي ودمار عاطفي ادى لمحاولة حرق الكنيسة، على اساس أن الحبيبة أو الزوجة هجرته، فلم يجد امامه إلا حرق الكنيسة للتعبير عن اعتلال واختلال عقله!!!!

لا اريد أن ابحر كيثرا في واقع مرير متأزم، حول واقع تمادي المستوطنين من اليهود في الحرق والتخريب للمزروعات والبيوت ودور العبادة في مختلف مناطق فلسطين التاريخية، فالشواهد كثيرة، لكن اليوم سأغير من واقع الحديث عن الاحتلال وتقصيره في حماية البشر والحجر، إلى واقع يقتضي العمل بموجبه والتذكير به.

يجب على جميع الطوائف المسيحية في القدس وعلى رأسهم البطاركة والمطارنة لكل طائفة، الحشد ليوم غد للوصول إلى كنيسة الجثمانية مشيا على الاقدام من كنيسة القيامة، والتنديد بكل ما أوتوا من قوة الصوت بالعمل الارهابي الذي قام به المستوطن، وتشكيل طاقم قانوني لمقاضاته ومطالبته بالتعويض المادي والمعنوي عما اقترفته يداه، وتشكيل لجنة تقصي حقائق حول كيفية استطاعة ذلك المستوطن الدخول للكنيسة وبيده مواد حارقة، وبذات الوقت زيادة الحراسة على الاماكن الدينية.

في النهاية يستدعي أن اشير إلى واقع آخر، يجب اثارته في هذا المقام لتذكير الغرب وبالذات امم ورؤساء أوروبا، بأن الامن والامان في القدس وباقي البلدان العربية والاسلامية لم يكن متوفرا إلا في عهد الدول الاسلامية التي حكمت البلاد، وتم تعزيز هذا النهج في عهد عمر بن الخطاب الذي دخل القدس واستلم مفاتيحها بطلب من بطريرك القدس إلى نهاية الدولة العثمانية، فالعهدة العمرية مازلات دستورا قائما بنصوصها وكينونتها، رغم أن الحادث الوحيد الذي ذكرته كتب التاريخ أن الحاكم الفاطمي المنصور بن العزيز الذي ادعى  بأنه يحكم بأمر الله ، خرج عن النص وهدم كنيسة القيامة في القرن العاشر كما هدم العقيدة الاسلامية، إلا أنه اعاد بنائها وهذا ما لا يذكره الغرب وبعض العرب في كتبهم، لكن الاستثناء الشاذ لا يقاس عليه، الامر الذي حذا بصلاح الدين الايوبي وجميع الدول التي جاءت من بعده حتى نهاية الدولة العثمانية التمسك بالعهدة العمرية التي جاءت متطابقة للقرآن الكريم والسنة النبوية، وإلا كيف نفسر عظمة تلك العهدة المطبقة حتى يومنا هذا بحمل الامانة لمفتاح كنيسة القيامة وفتح بابها بيد عائلتان مسلمتان آل جودة غضية ونسيبة، وكيف نفسر كذلك أن بواب كنيسة الجثمانية ابان العهد العثماني على مرّ اربعة قرون كانت بيد عائلة بزبزت آل غضية وفق ما افصحت عنه سجلات المحكمة الشرعية في القدس.

إرسال تعليق Blogger

 
Top