في ذكرى حرق المسجد القبلي من المسجد
الاقصى المبارك
51 سنة العرب والمسلمين مازلوا يعيشون
زمن التيه
بقلم القاضي فواز ابراهيم نزار عطية
21/8/2020
الموافق ل 2/محرم 1442 هجري
أطلقت التشريعات
الجنائية لكل دولة وصفا لبعض الجرائم ضمن
الجرائم المستمرة كالخطف مثلا، الاحتلال الغاشم وفق وصف القانون الدولي الانساني
هو احد الجرائم المستمرة بحق شعب يطوق لحق تقرير المصير، إذ استمرار الاحتلال
الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية وبعض الاراضي العربية، وممارسة افعال تخالف القانون
الدولي الانساني منها على سبيل المثال لا الحصر: ترحيل بعض السكان بتبني سياسة
العقاب الجماعي من خلال سياسة هدم البيوت بهدف الترحيل القصري لفعل ارتكب من فرد
واحد ضد الاحتلال ، والقيام بتغيير تصنيف بعض المناطق بهدف ابعاد بعض سكان
الفلسطينيين من داخل نطاق حدود القدس وغيرها من الاعمال التي تمس وضعية الشعب
المُحتل، تعتبر جميعها مخالفة للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م والبروتوكول
الملحق بها على وجه التحديد المادة 85 منه.
العديد من القرارات صدرت
عن مجلس الامن الدولي وعن الجمعية العمومية لمنظمة الامم المتحدة وعن محكمة العدل
الدولية منذ العام 1947 حتى اليوم ضد الاحتلال الاسرائيلي، ولا زالت الجرائم
مستمرة وتتكرر على أرض وأهل فلسطين دون
ردع أو زجر، لا يليق في هذا المقام التحدث عن مضمون تلك القرارات، وبوصلة المقال
تتعلق بآثار إحراق المسجد القبلي للمسجد الاقصى المبارك منذ 21/8/1969 التي مازلت آثارها
مستمرة بوجود الاحتلال.
القرار الصادر بتاريخ
15/9/1969 عن مجلس الامن الدولي رقم 171 بإدانة حكومة الاحتلال الاسرائيلي نتيجة
مسؤوليتها كسلطة احتلال عن الامن، وما تضمنه ذلك القرار من إلغاء لجميع الاجراءات
التي من شأنها تغيير وضع القدس، اصبح حبرا على ورق، كباقي القرارات نتيجة عدم
التزام الاحتلال بجميع المواثيق والقرارات الدولية، لسبب بسيط فالممارسات على الارض تكذب واقع الشرعية الدولية
المُتمسك بها من بعض قادة العرب، الحرق جزء من
مسلسل الحفر في اساسات المسجد الاقصى، وهما واقع لجرمين باعتبارهما
وجهان لاحتلال واحد، وهذا يشكل بحد ذاته امعانٍ وتحدٍ عن قصد للشرعية الدولية.
لم اعد اسمع أي تصريح
لأي مسؤول في العالم العربي حول واقع الحفريات، تلك الحفريات المستمرة جهارا نهارا
فلم تعد السرية والعمل الليلي من مقومات عمل الحفريات، مادام بعض قادة العرب في
الجيبة الصغيرة، حيث أن أخطر مصير يتعرض
له أهل القدس اليوم المساس بأساسات المسجد الاقصى، فلا قدر الله إن تم المساس بأساسات قبة الصخرة المشرفة والمسجد القبلي
اللذين يطلق عليهما المسجد الاقصى بساحاتهما،
لن يبقى لأهل القدس بوصلة للثبات والاهتداء إليها، فأهل القدس خاصة وأهل
فلسطين عامة مؤتمنين بالنيابة عن الامتين العربية والاسلامية للدفاع عن الأرض
والمقدسات المسيحية والاسلامية بما شرفهم الله في السكن والرباط على الارض
المقدسة، فجعجعة اتفاقيات ومعاهدات هنا
وهناك، لا قيمة لها من وجهة نظري ما دام اصحاب القضية متمسكون بسلاحين: الأول
الرباط في القدس واكنافها، والثاني الموت على الارض مهما كلف ذلك، فلا لجوء ولا
نزوح لأي مكان.
إن الاحتلال العسكري
الإسرائيلي يمارس اليوم الوجه الثاني لآثار الحرق بحق المسجد الأقصى منذ
21/8/1969، بشكل متعمد ويمارس أبشع الأساليب لسرقة التاريخ الإسلامي وطمس المعالم
العربية المسيحية والإسلامية، والتصعيد وصل ذروته من سلطات الاحتلال الإسرائيلي نتيجة
الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لدولة
الاحتلال، فخرق المعاهدات والتفاهمات الدولية بشأن وضع القدس القانوني والتاريخي
والديني، برز وتأسس على يد الحكومة الامريكية الحالية بقيادة ترامب، التي ضربت
بعرض الحائط مشاعر 2 مليار مسلم دون أن يكون لهم أي وزن دولي نتيجة استخفاف حكامهم
بهم ، الامر الذي ادى للحال الذي تجرأت عليه الحكومة الامريكية وسارت على نهجه
سلطة الاحتلال.
إن ذكرى حرق جزء من المسجد
الاقصى من الذكريات الأليمة بحق أهل فلسطين والامتين العربية والاسلامية، وتمثل
كارثة حقيقية ونكبة متجددة باستمرار جريمة المساس بأساسات المسجد القبلي وقبة
الصخرة، فلا نريد شعارات وكتابات لن تسمن ولن تغن من الكرامة العربية والاسلامية
بشيئ.
ذكرى الحرق المستمرة بذكرى متجددة تتعلق بالعبث
في اساسات معلم ديني وحضاري للأمة، ستكون لعنة على الاحتلال نتيجة القمع
والعنصرية، وإن ذكرى الحرق الحادية والخمسين للجزء الكبير من المسجد الأقصى
المبارك، يدفع أهل القدس لتجديد الثقة بالله أولا، بأن الظروف ومحيطها ومن صنعها
وإن خذلتنا، ستشكل عنوان للتحدي بالإرادة الصادقة، متيقنين أن امتنا تقف بجانبنا وإن تخاذل حكامها، فتصريحات
كثيرة صدرت عن الاهل في دولة الامارات وعيونها للقدس مهللة مكبرة بأن المؤامرة لن
تمر، والمغرب العربي وحدة واحدة متصلا بحارته في القدس القديمة "حارة
المغاربة"، وقارة افريقيا موصولة بجسر ثاقب نحو أهل افريقيا المقيمين في
القدس منذ مئات السنين، وأهل حضرموت ونجد وبلاد الحجاز وبلاد الشام مرتبطون نحو
أوقاف الاجداد وثرى القدس، أما أهل العراق والاكراد وأهل شرق آسيا وآل عثمان
محدقين نحو القدس مراقبين تصرف الاحفاد واثقين أن نسلهم طاهر زكي لا يُقدم احد منهم عن التخلي عن القدس
وكنفها.
اخيرا نؤكد أن المؤامرة
المربوطة بالاتفاقيات الموقعة بين سلطة الاحتلال وبعض قادة العرب حديثا والحبل على
الجرار، لن يثني أهل القدس مهما كانت المغريات والترغيب أو حتى الترهيب للتمسك
بالوصاية الهاشمية على المقدسات، ولن يُسمح بالتلاعب في مقدرات الامة نتيجة طمع أو
شجع بعض الحكام في نقل تلك الوصية من ....إلى...
تصديقا لقوله تعالى في
سورة الشعراء: " إلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ
الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ".
إرسال تعليق Blogger Facebook