0
مخطوطات مكتبة المسجد الأقصى المبارك
من ماضٍ مشرق وحاضرٍ مؤلم.. إلى مستقبل واعد
نشر في مجلة "مشارف مقدسية"، العدد الخامس، ربيع 2016، ص: 27-34

                                                         عزيز العصا
مقدمة
لقد كان المسجد الأقصى المكان الذي جمع فيه الأنبياء كلهم، فأمَّهُم رسول الله صلى الله عليه وسلم، في محلتهم ودارهم، فدلَّ على أنه هو الإمام الأعظم، والرئيس المقدم، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين([2]). كما أن من آيات قدرته، سبحانه، أنه قد بارك في هذا المكان، بما فيه من خيرات وزرع وثمار.
هذا ما جعل المسجد الأقصى، عبر التاريخ الإسلامي، دار علم وينبوع معرفة وتشهد على ذلك المصاطب المنتشرة في ساحاته والمدارس الملحقة به. فقد كان، بالإضافة إلى مكانته الدينية الرفيعة، مركزاً مهماً لحياة علمية نشطة، ومكانا لتدريس العلوم الإسلامية، وأصبح بيت المقدس يعج بالعلماء والفقهاء الوافدين إليه من بلدان العالم الإسلامي المختلفة([3]).
ويتطلب هذا أن تتنبه الأمة للحفاظ على شريانها المتدفق إيماناً وعقيدة، بحشد الطاقات وتوحيد الجهود الخيرة البناءة من أجل المحافظة على هذه الأمانة المعلقة في عنق كل منا كـ "فرض عين"، من أجل المحافظة المسجد الأقصى والأماكن المقدسة الأخرى، التي تشكل جوهر فلسطين التي هي درة الأمة.
نظرًا لأن هناك الكثير من الخيرين، من المقدسيين الذين يحملون على عاتقهم هموم هذا المكان المقدس ومتابعة كل ما يجري فيه وحوله، من قبل عصابات الاقتحام الساعية إلى تهويده، فإننا ارتأينا في هذه الورقة التركيز على ذلك الكنز الفكري والمعرفي الذي يضمه المسجد الأقصى بين جنباته، ألا وهو المخطوطات التابعة لمكتبة المسجد الأقصى، التي تتجاور ما يزيد عن مائة وثلاثين ألف كتاب تمتلكها تلك المكتبة، تغطي المواضيع والمباحث العلمية كافة، كما أن تلك المخطوطات والكتب، مجتمعة، تمتد في قدمها من مئات السنين حتى يومنا هذا.
وعندما شرعت في كتابة هذه الورقة، وجدت أن الشيخ عزام الخطيب التميمي/ مدير عام أوقاف القدس[4]، قد فتح الباب، مبديًا ترحيبه بالفكرة، تاركًا الأمر لأصحاب الشأن من موظفي المكتبة، وعلى رأسهم الشيخ حامد أبو طير ويعاونه الشيخ يوسف الأوزبكي، المتخصص في شأن المخطوطات.
وستتضمن هذه الورقة الحديث عن المخطوطات، من حيث: أعدادها والمجالات التي تتوزع عليها. كما سيتم استعراض أبرز الهموم والقضايا ذات الصلة بهذه المخطوطات، من حيث: التجميع، والصيانة الدائمة، والحفظ حسب الأصول المتبعة في مثل هذه الحالات على المستوى الدولي. وقد قمت سابقًا بنشر دراسة كاملة حول "مخطوطات المسجد الأقصى المبارك: رحلة ترميم.. تجمع بين الألم والأمل" وقد نشرت في مجلة "مشارف مقدسية"، العدد الثالث، خريف 2015، ص: 65-72، وفق الرابط التالي: http://alquds.pna.ps/masharef3.pdf.
أما مصادر المعلومات، فقد كانت تعتمد، بشكل رئيسي، على المقابلات المتعددة التي أجريت مع الشيخ يوسف الأوزبكي، الذي لم يأل جهدًا في تسهيل مهمة الباحث، وتوفير البيانات اللازمة لوضع مخطوطات المسجد الأقصى تحت الضوء، لما لذلك من أهمية قصوى في الحفاظ على تراثنا الثقافي والمعرفي والعلمي، ومن أهمية في تسهيل الأمر للباحثين، من مختلف التخصصات. كما تم الاعتماد على ما هو منشور حول تلك المخطوطات، بخاصة ما قام بنشره السيد "خضر سلامة" في مصادر ومراجع مختلفة.
أولًا: مخطوطات المسجد الأقصى: تاريخ عريق وتشتيت مؤلم
المخطوط هو إسم مشتق من الفعل خط، والخط ما كُتِب وخط باليد[5]. والمخطوطات هي مؤلفات العلماء ومصنفاتهم، المكتوبة بخط اليد[6]، ولها أشكال وأنواع مختلفة، ومتطورة مع التطور البشري منذ أقدم العصور، فمنها ما هو مكتوب على الآجر، أو ورق البردي، أو الحجارة أو العظام، أو الورق. وجميع مخطوطات المسجد الأقصى المبارك مكتوبة على الورق العادي[7].
وقد كان هناك الآلاف من المخطوطات في مدينة القدس، عبر الحقب الزمنية المختلفة. ولعل أكثرها أهمية تلك التي تتوزع على المجموعات الرئيسية الثلاث، وهي: مجموعة المكتبة الخالدية التي تضم نحو (1200) مخطوط، ومجموعة المكتبة البديرية التي تضم ما يزيد عن (1000) مخطوطة، ومجموعة مكتبة المسجد الأقصى، قيد النقاش. كما أن مكتبة دار إسعاف النشاشيبي تضم (743) مخطوطة[8]. وهناك المئات، وقد تكون الآلاف الأخرى من المخطوطات الموزعة على مكتبات ومؤسسات مختلفة، من مساجد وكنائس ومكتبات العائلات وغيرها.
حول مجموعة مخطوطات مكتبة المسجد الأقصى، تم التواصل مع الشيخ يوسف الأوزبكي؛ المسؤول المتخصص في حفظها ومتابعة شئونها كافة. فحيثما يرد الحديث عنها في هذه الورقة بدون مرجع تكون المعلومات منسوبة إليه[9].
يبلغ العدد الإجمالي لمجموعة مخطوطات المسجد الأقصى حوالى (2300) مخطوطة؛ تتوزع على ثلاثة أماكن داخل المسجد الأقصى، وهي:
·           المكتبة الرئيسية في مسجد النساء، وتحتوي على ما يزيد عن (1100) مخطوطة.
·           في قسم الترميم يوجد حوالي (1000) مخطوطة.
·           في المتحف الإسلامي يوجد (230) مخطوطة.

ويرى سلامة (1983)[10] أن مصادر مخطوطات المسجد الأقصى، هي:
·           بقايا مخطوطات دار كتب المسجد الأقصى، التي أُنشئت بمبادرة من المجلس الإسلامي الأعلى في 22/11/1922م في القبة النحوية[11].
·           بقايا مخطوطات الشيخ محمد الخليلي (توفي عام 1734م)، وقد بلغ عدد المخطوطات التي وصلت لمكتبة المسجد الأقصى مكتملة الأوراق (500) مخطوطة. وقد تم تخصيص الجزء الرابع من فهرس مخطوطات المسجد الأقصى المبارك لمجموعة هذا الشيخ الجليل، علمًا بأن هناك ما يزيد عن (100) مخطوطة، وقع نقص في أوراقها، ولم تلحق بالفهرس[12].
·           بقايا مجموعة مخطوطات الشيخ خليل الخالدي؛ وهو رحّالة مشهور، زار الكثير من البلدان وامتلك الكثير من المخطوطات والكتب، وتوفي في القاهرة في العام 1941، وهو أعزب، فقامت شقيقته "أمينة" بوقف نصيبها من تركته على مكتبة المسجد الأقصى[13].
فهرسة مخطوطات المسجد الأقصى المبارك
لقد بدأت العناية بالمخطوطات عند العرب متأخرة؛ وبالتحديد في العهد عثماني المتأخر[14]، وأما على مستوى الفهرسة، فإن أقدم فهارس المخطوطات العربية في الشرق في العصر الحديث، ترجع إلى العام 1881م، حيث قام رهبان القبر المقدس للروم الأرثوذكس بنشر فهرس للمخطوطات العربية الموجودة في الدير، وفي العام 1887م ظهر الجزء الأول من "فهرس الكتبخانة الخديوية" في القاهرة، ثم مرت عملية فهرسة المخطوطات بالمراحل الآتية[15]:
1)      قام المستشرقون بنشر فهارس لكثير من المخطوطات العربية الموجودة في معظم البلاد الغربية والشرقية على السواء، وقام بنشر هذه الفهارس الجمعيات العلمية، والجامعات، والمتاحف، وغيرها بدعم من حكومات بلادهم.
2)      خلال الفترة 1902-1947م، نُشر في بيروت والموصل والقاهرة العديد من الفهارس التي توثق لآلاف المخطوطات، لعل أكثرها لفتًا للنظر، فهرس "مخطوطات الموصل" الذي ذكر أكثر من (3,000) مخطوطة عثر عليها المؤلف في مدارس الموصل، ومساجدها وخزائن الأسر المشهورة فيها.
3)      نُشر في كل من الجزائر، وتونس والمغرب فهارس للمخطوطات المتوفرة لديهم.
بالاطلاع على عملية الفهرسة لمخطوطات المسجد الأقصى المبارك تبين أن هناك فهرسة قام بها السيد خضر سلامة، خلال الفترة خلال الفترة 1977-2011م، يقدر الأزبكي بأنها تلك الفهرسة قد غطت حوالي 60% من المخطوطات الخاصة بالمسجد الأقصى، من خلال الأجزاء الأربعة المذكورة، التي يقدر عدد بحوالي (1100) مخطوطة فقط.
وسنعرض، فيما يأتي، توزيع المخطوطات بحسب موضوعاتها، وذلك بالاستناد إلى الأجزاء الأربعة للفهرس كما أنجزها السيد خضر سلامة خلال الفترة 1980-2011م، إلا أنها لم تتوفر بحسب العصر الذي كتبت فيه إلا في الجزء الأول، والذي تبين فيه أن هناك مخطوطة منسوخة في القرن السادس الهجري (577 هـ-1181م)، وهو كتاب "تلخيص المتشابه في الرسم وحماية ما أشكل منه عن نوادر التصحيف والوهم" لمؤلفه "الخطيب البغدادي المتوفى في القرن الخامس الهجري (463هـ -1071م):
الجدول رقم -1-: تقسيم المخطوطات حسب موضوعاتها[16]
الموضوع
عدد المخطوطات
ج1
ج2
ج3
ج4
المجموع
علوم قرآن
70
15
43
23
151
التفسير
1
13
2
27
43
الحديث ومصطلحه
13
36
13
68
130
أصول الدين
15
18
34
35
102
تصوف
13
27
16
45
101
أصول فقه
10
22
9
128
270
فقه
37
39
25
سيرة ومدائح نبوية
10



10
لغة عربية
20
30
26
16
92
أدب عربي
6
4
3
24
37
تاريخ وتراجم
8
13
10
44
75
متفرقات (الميقات-حساب-منطق-ردود-الفلك– الجان– علم الوضع-إجازات)
10
4
41
57
112
المجموع
213
121
222
467
1,123
يلاحظ من الجدول أعلاه أن أكثر المخطوطات تتعلق بالفقه وأصوله، يتبعها علوم القرآن والحديث ومصطلحه... وهكذا.
أن لذلك، ونظرًا لعدم توفر فهرسة لحوالي 40% من هذه المخطوطات، فإنه يصعب على الباحث تحليل ونشر الجداول التي تحمل تصنيفاتها. وبالتالي فإننا نكتفي بالإشارة إلى أن حوالي 80% هذه المخطوطات يعود إلى العصر العثماني، وحوالي 19% منها يعود إلى العصر المملوكي. وأما الباقي (حوالى 1%) فإنه يعود إلى العصر الأيوبي فما قبل.
أقدم مخطوط علمي في مكتبة المسجد الأقصى المبارك: كتاب (المستصفى) في علم أصول الفقه، تأليف حجة الإسلام أبي حامد الغزالي (ت: 505 هـ). والكتاب منسوخ سنة (506 هـ). أي بعد وفاة صاحب الكتاب بسنة واحدة فقط. وانتقل إلى ملكية كبار العلماء عبر العصور. وأحدث مخطوطة في العام 1922م، وهو كتاب "في أصول الخط" لمؤلفه "عبد السلام بن عمر الحسيني".





صورة لأقدم مخطوطة من مخطوطات المسجد الأقصى: كتاب (المستصفى) في علم أصول الفقه، تأليف حجة الإسلام أبي حامد الغزالي
وأما على مستوى الحفظ؛ فإن جميع المخطوطات الموجودة في مكتبة المسجد الأقصى (مسجد النساء سابقًا) معقمة، ومودعة في خزائن حديدية خاصة؛ وذلك بناء على نصيحة وتوصية قسم الترميم والمخطوطات والوثائق، وهو واحد من أقسام مكتبة المسجد الأقصى الذي يعتبر بمثابة المستشفى الذي تعالج فيه المخطوطة؛ بترميمها وضبط محتوياتها وتجليدها، ثم إعادتها إلى مكانها الطبيعي المعد خصيصًا لها في المكتبة الأم، كما هو مذكور أعلاه[17]. وتتركز المهمة الرئيسية للمرمم المختص في ترميم المخطوط؛ على وقف الإصابة التي ابتليت بها المخطوطة, سواء على مستوى الفطريات أو الآفات الحشرية أو البكتيرية.. والتي يجب التخلص منها والقضاء علها من خلال[18]:
1.    التعقيم بغاز النيتروجين؛ حيث يتم إدخال المخطوط أو الدشت أو أي وثيقة قديمة في كبس خاص، ثم يتم إدخال غاز النيتروجين وإخراج الأكسجين؛ بهدف خنق تلك الحشرات وتكرار ذلك عدة مرات لضمان القضاء عليها.
2.    عمل بطاقة خاصة؛ بمثابة هوية خاصة بالمخطوط تبين جميع المعلومات الخاصة به، مثل: العنوان,المؤلف, تاريخ النقش, وقياساته (أبعاده), وعدد الصفحات و/أو الأوراق...الخ.
3.    التصوير الرقمي: يتم فيه تصوير المخطوطات صفحة؛ لضمان توفير نسخة الكترونية دقيقة تتابع فيها صفحات المخطوط لتسهيل استخدامها من قبل الباحث.
4.    تنظيف المخطوط تنظيفاً جافاً ميكانيكياً باستخدام فرشاة خاصة, وهي من شعر السنجاب، على أن يتم المسح باتجاه واحد وعدم العودة؛ لتجنب تمزق الورقة أو إتلافها.
5.    ثم يتم ترميم كامل صفحات المخطوط، وبتتابع.
6.    عندئذ يصبح المخطوط جاهزاً للتغليف، أو إعادة التغليف؛ ففي حالة وجود الغلاف القديم يتم ترميمه وتثبيته في مكانه من المخطوط). ومن الجدير بالملاحظة أنه على المختص إعادة التجليد بحسب خصائص عصر المخطوط.
7.    ثم تحفظ المخطوطة في صندوق يتم تصميمه يدويًا؛ لكي يكون بحجم المخطوط, على أن تكون مكونات الصندوق من مواد غير قابلة للأكسدة. علماً المواد الدهنية أو البروتينية، كالجلود، قابلة للتأكسد بشكل سريع وضار للمخطوط. ثم يتم عملية تعقيم لما بداخل الصندوق بمعدل كل شهرين؛ لملاحقة أي نشوء جديد لحشرات أو فطريات.
صورة خزانة مخطوطات مكتبة المسجد الأقصى

من المخطوطات الجميلة في مكتبة المسجد الأقصى المبارك: مخطوط كتاب (الشهاب في الحكم والمواعظ والآداب) للشهاب القُضَاعِي (نسبة لقبيلة قُضاعة) (ت: 454 هـ)، وهو في الآداب النبوية.

























صورة لكتاب "الشهاب في الحكم والمواعظ والآداب"

مخطوطات المسجد الأقصى: الخطة الطموحة والاحتياجات 
يلاحظ مما سبق أن المرحلة الأكثر حسمًا، والأكثر خطورة على المخطوطة، هي مرحلة الحفظ النهائي، والتي تتطلب توفير المكان الأكثر ملاءمة لحفظ المخطوطة. وقد استنتج الباحث أن هناك مجموعة


أسباب "مجتمعة" تدفع إلى التوصية بتجميع مخطوطات المجموعة كافة في مكانٍ واحد، هو مكان المكتبة الأم، وهي:
1)      المكان ملائم جدا من حيث الخزائن المغلقة بإحكام، وهي من المعدن والزجاج كما أنها بعيدة عن التغيرات المفاجئة في الظروف الجوية، وان المكان نظيف ويتوفر فيه التهوية الجيدة ودرجة الحرارة والرطوبة المناسبتين. الأمر الذي يعني توفير سبل الأمن والأمان كافة؛ من رطوبة ودرجة حرارة وإضاءة وغيرها.
2)      ان أكثر من نصف هذه المخطوطات هو في هذا المكان، والنصف الآخر هو الموزع على مكانين، وبالتالي فمن السهل نقل الجزئين الآخرين في هذا المكان.
3)      إن وجود المخطوطات معا يسهل على الباحث الوصول إلى المعرفة بسهولة ويسر.
4)      كما أن تجميعها في مكان واحد يُمكّن المسؤولين من ضبط وفهرسة المخطوطات، ومراجعتها بدقة للخروج بفهرس موحد ودقيق؛ يوثق للمراحل المختلفة، ويسهل على الموظف متابعته يوميا... كما يفتح الآفاق للبحث عن مخطوطات جديدة قد يتم العثور عليها في أي وقت.
وفي هذا الجانب يذكر السيد الأوزبكي أن هناك خبيرة يابانية من اليونسكو، تتولى المسؤولية عن (47) متحفًا حول العالم، كانت قد زارت المكتبة في مطلع العام 2015، قد أوصت بان يتم تجميع جميع المخطوطات في المكتبة الأم الكائنة في مسجد النساء.
ولا بد من الإشارة إلى أن مكتبة المسجد الأقصى المبارك، وبالأخص قسم المخطوطات فيها، قد حظي باهتمام المسؤولين الأردنيين؛ فبالإضافة إلى المتابعة، المباشرة والمستمرة، من عطوفة الشيخ محمد عزام الخطيب التميمي المدير العام لدائرة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية / القدس توالى على زيارتها سعادة السفير الأردني وليد عبيدات، وعطوفة مدير الحرم القدسي الشريف في وزارة الأوقاف – المملكة الأردنية الهاشمية: المهندس عبد الله العبادي؛ وقد أثمرت تلك الجهود بتوفير كامل احتياجات المكتبة من معدات، ومن ذلك:
-          توفير وإعداد مستودع خاص للمخطوطات وَفْق المواصفات العلمية والمعايير الدولية المتبعة لحفظ المخطوطات.
-          كذلك قام أحد المحسنين من المملكة الأردنية الهاشمية بتوفير جهاز تصوير خاص بالمخطوطات بالإضافة للخزن الحديدية الخاصة لحفظ المخطوطات وغير ذلك جزاه الله خيرًا.
-          وقد بدأت المكتبة بتصوير جميع مخطوطاتها، وفور الانتهاء من التصوير، ستوضع جميع الصور على موقع إلكتروني سينشأ خصيصًا يُعلن عنه في حينه؛ وذلك لينتفع بها الباحثون في شتى أنحاء المعمورة.
الخاتمة والتعليق:
هكذا، نكون وضعنا القارئ، من مختلف الشرائح الثقافية والفكرية، ومن مختلف المستويات المسؤولة عن الشأن المقدسي بشكل عام، والشأن الثقافي الفلسطيني بشكل خاص، أمام مسؤولياتهم التاريخية اتجاه ما يجري بشأن ذلك الإرث التاريخي والفكري والمعرفي الضخم، الذي نحن بأمس الحاجة إلى أن نعض عليه بالنواجذ؛ لما له من أهمية قصوى في الهجمة "التهويدية" الشرسة التي نواجهها مع احتلال يسيطر على تفاصيل المكان كافة، والذي تسعى أجهزته الأمنية والشرطية، وما تستخدمه من آلة بحثية ضخمة وممولة بأرقام مالية فلكية، إلى جعل المسجد الأقصى بمساحته الكاملة، هيكلهم المزعوم، وما يزيد عنه يحوَّل إلى حدائق ومتنزهات يقضون فيها أوقات التمتع بأشكاله وصوره المختلفة.
مما يعني أن استمرار حال هذه المخطوطات، بما هي عليه الآن من مخاطر التشتت والضياع، هو مسؤولية رسمية وشعبية، وجماعية وفردية، ولا يجوز لها أن تبقى همومًا وعوامل قهر وضغط نفسي، تعتمل في صدور الموظفين الذين تراودهم أحلام التطوير وتحسين الأداء، دون تحقيقها على الأرض. وكم كان مبهجًا، للجميع، الدور الذي قام به المسؤولين في الأردن الشقيق؛ لما له من أثر فاعل على تطور قسم المخطوطات، لكي تصبح المخطوطات في متناول اليد للدارسين والباحثين، ليس على مستوى فلسطين وحسب، وإنما على مستوى العالم، بما يسهم في تعزيز الرواية الوطنية والدينية في مواجهة الرواية الإسرائيلية التي تسعى إلى تهويد القدس عامة، والمسجد الأقصى على وجه الخصوص.   
كما أنه لا بد من التذكير بأن توفير تلك المخطوطات، بالشكل الأمثل، سوف يوفر للباحثين، المسلمين وغير المسلمين، مصادر "موثوقة" للمعلومات والمعرفة في المجالات المختلفة التي تغطيها تلك المخطوطات، بخاصة ما يتعلق بـ "إسلامية" المسجد الأقصى وضلالية الادعاءات التهويدية. وفي هذا الجانب، لا بد من الإشارة إلى أن "اليهود" كتبوا عن الهيكل أكثر بكثير مما كتبناه نحن عن المسجد الأقصى. كما أن هناك كتبًا بلغات أجنبية تتحدث عن المسجد الأقصى أكثر بكثير من المراجع العربية؛ أي أن هناك ندرة في الكتب المتخصصة باللغة العربية.
فلسطين، بيت لحم، العبيدية، 02/12/2015م



 





[1] موقع قصة الإسلام، إشراف: د. راغب السرجاني. دخول عمر بن الخطاب القدس واستكمال فتح الشام. 1/5/2006م. انظر: http://islamstory.com/ar/

[2] المكتبة الإسلامية، موقع إسلام ويب، انظر: http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=49&ID=991#docu
[3] الفراني، عبد الحميد (2011). الحياة العلمية في بيت المقدس قبيل الغزو الفرنجي (الصليبي). بحث غير منشور، مقدم إلى وزارة الأوقاف والشئون الدينية مسابقة القدس الثقافية الأولى. ص ص: 7-8.
[4] تم الحصول على إذن من الشيخ عزام الخطيب التميمي، إثر زيارته في مكتبه، بتاريخ: 04/06/2015م.
[5] سلامة، خضر (1983). مقدمة الطبعة الأولى في "فهرس مخطوطات المسجد الأقصى"، الجزء الأول. مطابع دار الأيتام الإسلامية. ط2. ص: 8.

[6] مركز جنات للدراسات (2010). المخطوطات.. تعريفها وأهميتها. انظر الموقع الالكتروني آتي (أمكن الوصول إليه بتاريخ: 04/09/2015): http://www.alukah.net/library/0/22790/

[7] سلامة، خضر (1983). مرجع سابق.
[8] العصا، عزيز (2015). المقدسيون حماة ثقافتنا الوطنية: متحف التراث الفلسطيني ودار إسعاف النشاشيبي أنموذجًا. مجلة مشارف مقدسية. تصدر عن: القدس العاصمة الدائمة للثقافة العربية. العدد (1). ص: 241-248.
[9] تم اللقاء في 1/9/2015
[10] سلامة، خضر (1983). مرجع سابق. صص: 8-10.
[11] بناها الملك المعظم عام 1207م، وتقع على الطرف الجنوبي لسطح الصخرة المشرفة. وتم في تلك المرحلة جمع كثير من نوادر المخطوطات عن طريق الوقف، ومما وجد في المسجدين والمدارس المحيطة بالحرم القدسي.
[12] سلامة، خضر (2008). مقدمة "فهرس مخطوطات المسجد الأقصى"، الجزء الرابع. مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي. لندن. صص: ج ـ -د. ويروى بأن عددها كان حوالى (7,000) مخطوطة وكتاب.
[13] أفاد بهذه المعلومة الشيخ يوسف الأوزبكي أثناء مقابلة معه في المدرسة الأشرفية، بتاريخ: 2/12/2015م.
[14] الشهابي، خضر (2015). مقابلة بتاريخ: 13/08/2015م. انظر: العصا، عزيز (2015). مخطوطات المسجد الأقصى المبارك: رحلة ترميم.. تجمع بين الألم وأمل. مجلة مشارف مقدسية. العدد (3). صص: 65-72.
[15] سلامة، خضر (1983). مقدمة الطبعة الأولى في "فهرس مخطوطات المسجد الأقصى"، الجزء الأول. مطابع دار الأيتام الإسلامية. ط2. صص: 5-7.
[16] الجدول من إعداد الباحث، حيث تم تجميع الجداول المنشورة في الأجزاء الأربعة لفهرس مخطوطات مكتبة المسجد الأقصى المبارك، وهي من إعداد: "خضر إبراهيم سلامة"، خلال الفترة 1980-2008.
[17] ورد هذا التصور أثناء مقابلة الشيخ حامد أبو طير؛ مدير مكتبة المسجد الأقصى، في مكتبه، بتاريخ: 01/09/2015م.
[18] الشهابي، خضر (2015). نفس المرجع السابق.

إرسال تعليق Blogger

 
Top