0
بسم الله الرحمن الرحيم
معالي وزير الثقافة الدكتور إيهاب بسيسو.. عطوفة محافظ محافظة بيت لحم الأخ جبرين البكري.. سعادة رئيس بلدية بيت لحم الأستاذة فيرا بابون.. ممثلو القوى وفصائل العمل السياسي.. قادة الأجهزة الأمنية.. الزملاء في اللجنة التحضيرية للمؤتمر.. الزملاء في المجلس الاستشاري الثقافي لمحافظة بيت لحم..
الحضور الكرام.. كل بإسمه ولقبه وكنيته

السلام عليكم ورحمة الله،،
السلام عليكم من أرض السلام والمحبة والتآخي والتعاون والتعاضد.. السلام عليكم من مهد رسول السلام للبشرية جمعاء..
ونحن نتحدث عن بيت لحم، فإننا نتحدث عن عبق التاريخ الممتد لما يزيد عن أربعة آلاف عام متواصلة من الحضارة المتراكمة، والتي جوهرها مهد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، الذي احتضنته بيت لحم طفلًا واحتضنته شابًا ثائرًا على الظلم والطغيان.. كما أننا نتحدث عن الجغرافيا المتصلة بالقدس في خاصرتها الجنوبية؛ فبيت لحم هي عنق الزجاجة والممر، بل والمقر، لمن عبر إلى القدس أو غادرها، عبر هذا التاريخ الطويل. إنها بيت لحم التي ترنو إليها عيون البشر قاطبة، وهم يحلمون بتلمس حجارتها وزيارة آثارها واستنشاق تراثها العريق. ففيها قدسية المكان وفيها روح الزمان. لتلك الأسباب ولغيرها، نزهو بمدينتنا الفلسطينية هذه، وقد اختيرت عاصمة للثقافة العربية للعام 2020.
ونحن نسعى إلى صياغة السطر الأول من ملحمة بيت لحم عاصمة للثقافة العربية، شرعنا بمراقبة ما يجري حولنا من تجارب؛ فتوزع أعضاء اللجنة التحضيرية، قدر ما استطاعوا على دراسة تجارب عربية وأوروبية في العواصم الثقافية؛ فكانت زيارة صفاقس التي هي عاصمة الثقافة العربية للعام 2016 برئاسة معالي الوزير د. إيهاب بسيسو، وزيارة عاصمة الثقافة الأوروبية لهذا العام (2016) وهي مدينة "سان سيباستيان" الاسبانية، وزيارة مدينة "فاليتا" المالطية التي ستكون عاصمة الثقافة الأوروبية في العام 2018.
لقد وجدنا في جولاتنا تلك أن أكثر ما يزعج القائمين عليها هو الشروع في الإعداد للعاصمة الثقافية في لحظات الصفر، مما حوّل بعض العواصم الثقافية لأن تصبح عبارة عن ورشة عمل مفتوحة وغير جاهزة لاستيعاب الأحداث والبرامج المعدة على الورق. ما يعني أن عقد هذا المؤتمر في هذا الوقت المبكر هو ضرورة قصوى لا بد من تنفيذها بأبهى صورة.
أما لماذا مؤتمرنا هذا؟ فإنه محاولة للإجابة على السؤال الاستراتيجي المهم: ما الذي علينا فعله خلال السنوات الثلاث القادمة؛ لكي تكون بيت لحم عاصمة للثقافة العربية؟ حيث سيقوم المؤتمر، بعقد تسع جلسات حوارية تغطي تسعة عناوين، ارتأت اللجنة التحضيرية للمؤتمر أنها تشكل أكبر مساحة ممكنة من المشهد الثقافي التلحمي؛ بما هو عليه الآن وما يفترض أن يكون عليه في العام 2020. وكل جلسة تضم مجموعة من المتحدثين على شكل مجموعة بؤرية، يتبادل المشاركون فيها الرأي والمشورة حول أفضل سبل العمل خلال السنوات الثلاث القادمة، لتوظيف المحور قيد النقاش كمكوِّن ثقافي من مكونات بيت لحم في عامها المنتظر.
ويبقى السؤال الأكثر أهمية، وهو: من هم المشاركون في تلك الورشات الحوارية؟ وهنا نعلن للحضور الكريم ولأهالي بيت لحم أن المشاركين في طرح التصورات لبيت لحم 2020 هم من أبناء شعبنا من بيت لحم ومن محافظات الوطن كافة؛ فالمقدسيون حاضرون بيننا، وأهلنا في الجزء المحتل منذ العام 1948 حاضرون بيننا ومن مختلف المحافظات: حيفا، والناصرة، وعكا وغيرها، والقطاع الحبيب حاضر بيننا، رغم عدم تمكن المشاركين من الوصول إلى بيت لحم، إذ سيتم الحوار معهم عبر الفيديو كونفرنس.
لقد جاء هؤلاء لكي يرسخوا قاعدة أن بيت لحم في العام 2020 هي فلسطين بأكملها، وأن فلسطين من بحرها إلى نهرها هي بيت لحم، وأن الشعب الفلسطيني، في ذلك العام، سيركز فعله الثقافي بتفاصيله كافة في بيت لحم ليمكنها من قيادة وإدارة المشهد الثقافي العربي بكفاءة عالية وبسهولة ويسر، وبتنظيم دقيق لجميع الفعاليات والأحداث.
الحضور الكريم..
 من لا يشكر الناس لا يشكر الله. وعليه، فإنه لا يمكنني الوقوف هنا متحدثًا دون الإشارة إلى تلك الرسالة التي نقلها لنا الأخ جاد الغزّاوي من معالي الوزير د. إيهاب بسيسو، والتي يطالب فيها بفتح الآفاق أمام الشعب الفلسطيني؛ ليقول عباقرته ومبدعوه كلمتهم ورأيهم ويحققوا أحلامهم في هذا الحدث الوطني بامتياز. فكانت تعليمات معالي الوزير بتشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر،  وإن هذا المؤتمر نتاج جهد متواصل لزملائي في اللجنة التحضيرية الذي عملوا ليل نهار دون كلل أو ملل، وكلما كان النفق يشتد ظلمة كانوا يحثون الخطى قدُمًا، ويركزون النظر نحو الشعاع المنبثق في آخر النفق. فعملنا معًا بروح الفريق المتحاب المتعاضد المتعاون حتى شتتنا الظلمة وجعلنا من ذلك الشعاع ضوءًا ساطعًا سينبلج غدًا، بعون الله، من خلال التوصيات التي ستخرج بها مجموعات العمل المتخصصة في المحاور التسعة الموصوفة.
ولأن بيت لحم تستحق الكثير، فقد كان في ميدان العمل والفعل الزملاء في المجلس الاستشاري الثقافي الذراع المجتمعي لوزارة الثقافة الذي يتوزع على الفعاليات الثقافية في المحافظة ويضم في عضويته المدن والقرى المحيطة ببيت لحم العزيزة، والذي من رحمه ولدت اللجنة التحضيرية، فكان أعضاء المجلس يتابعون معنا أولا بأول، باعتبارهم أصحاب المناسبة والمعنيون بنجاح المؤتمر على المستويات كافة. كما أننا ما كنا لننجح لولا المؤسسات التلحمية المعطاءة التي احتضنت أنشطتنا كافة، وهي: بلدية بيت لحم، وقصر المؤتمرات، وكلية دار الكلمة الجامعية، ومتحف فلسطين للتاريخ الطبيعي في جامعة بيت لحم، والاتحاد النسائي العربي ومؤسسة دلال للثقافة والفنون.

الحضور الكريم..
الثقافة في فلسطين وصونها والمحافظة عليها، ليست ترفًا بل تقع في صلب معركة الوجود التي يخوضها شعبنا مع هذا الاحتلال البغيض الذي يعيق، بل يعطل، سبل الحياة الطبيعية للشعب الفلسطيني في جوانب الحياة كافة، وهذا ما التفت إليه معالي د. إيهاب بسيسو، فأطلق شعار "الثقافة مقاومة". الأمر الذي يعني أن كل خطوة نقوم بها نحو بيت لحم عاصمة للثقافة العربية، هي فعل تحدٍ ومقاومة للاحتلال الذي يضع كل ما لديه من عصي في دولاب الثقافة التي طورها شعبنا على هذه الأرض عبر آلاف السنين، والتي يسعى الاحتلال إلى سرقتها وتهويدها وأسرلتها بما يمتلكه من عناصر القوة المفرطة المنفلتة من عقال الأخلاق والقيم الإنسانية.
من هنا، فإنني أدعوكم أيها الأهل والأحبة، أيها الحضور الكريم إلى التعاون والتعاضد والتكامل حتى نلتف جميعًا حول بيت لحم عاصمة للثقافة العربية كالسوار حول المعصم، كما أدعو وزارة الثقافة، وعلى رأسها معالي د. إيهاب إلى قيادة مركب بيت لحم، خلال السنوات الثلاث القادمة، بقوة واقتدار والصعود به فوق الأمواج العاتية التي تترصد به من كل جانب، وأن يتم رعاية ما سينبثق عن هذا المؤتمر من برامج ورؤى ومشاريع "طموحة"، هي عصارة الفكر الإبداعي الفلسطيني، وما سيضاف إلى ذلك من إبداعات وأفكار خلّاقة، على المستويات الوطنية والعربية والدولية، التي ستلتحق مستقبلًا بالقطار المتجه نحو بيت لحم-2020؛ لتعزيز المشهد الثقافي التلحمي وتطويره وتمكينه من الصمود والاستمرار خدمة للأجيال القادمة، دون أن يتوقف عند العام 2020.
ختامًا، أحييكم أيها الكرام على حضوركم ومشاركتنا هذا الحدث الوطني الريادي الذي يضئ الطريق نحو بيت لحم 2020 بعون الله وتوفيقه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عزيز العصا/
رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الأول
"نحو بيت لحم عاصمة للثقافة العربية في العام 2020

                                                                                           04/11/2016م

إرسال تعليق Blogger

 
Top