قال الباحث رئيس
الدائرة الثقافية في نادي الموظفين في القدس الأستاذ عزيز العصا، أن القدس حاضنة للكتب عبر العصور حيث توفرت في القدس الحاضنات اللازمة لحفظ الكتب
والمحافظة عليها بعد صناعة المخطوط كما
يوجد خزائن للكتب.
أضاف الباحث، جعل
العلماء عبر العصور والأزمان من بيت المقدس قبلتهم العملية والبحثية
والأكاديمية وكان الطلبة والمدرسين يقيمون في مباني جميلة محيطة حول المسجد الأقصى
المبارك، صرف عليها مبالغ ضخمة خلال الفترات الإسلامية المتتابعة من أجل إتقان
تصميماتها بما تحمله من دلالات رمزية ذات صلة بالصراع المستمر والقائم في هذا المكان
بين الحضارات الإنسانية.
كما حدد الباحث خلال دراسة بحثيه حول " المخطوطات
المقدسية بين النكبة الثقافية والواقع المر" خلال محاضرة عقدت في مكتبة جامعة
القدس العامة في عقبة الرصاص داخل أسوار البلدة القديمة بالقدس المحتلة، عن مكونات
المخطوط وتميزه عن الكتب المطبوعة، حيث تميز القدماء بصناعة الكتاب المخطوط باستخدام
ورق غالى الثمن من النوع (الكاغد الخالي من السطور) والحبر، وقلم تخطيط، والتجليد،
ليتميز بأصالتهُ ويختلف كل نسخة منه عن الأخر،موضحاً ان الاختلاف بين كتابة
المخطوطات والطباعة هو النسخ اليدوي التي يتم كتابته من قبل أكثر من شخص.
وأشار الباحث العصا، ان بداية عمليات
النسخ اليدوي للمخطوطات العربية في العصر الإسلامي كانت بنسخ القران الكريم، ثم
تطورت بعد ذلك لتشمل تأليف وترجمة آثار في علوم مختلفة منها: كالفقه والطب،
التفسير، اللغة، الشعر، بجانب العلوم الحديث الشريف والسيرة النبوية، إلا انه تم فيما
بعد اكتشاف الورق الصيني في القرن الثاني عشر الهجري، حيث تقدمت الكتابة والنسخ
كثيرا في القرن الرابع الهجري حل الورق غالى جانب ورق البردي.
وأكد، أن المخطوطات العربية هي تراث إنساني
امتدت لأكثر من أربعة عشر قرناً وقام على تأليفها واستنساخها ألوف من العلماء والأدباء
والخطاطين طوال القرون المتعاقبة.
أوضح الباحث لـ" الحياة
الجديدة" استغرقت دراستي في البحث الميداني مدة ثلاث سنوات وما زال مفتوحاً
للبحث عن آخر مخطوط في القدس، وشملت دراستي هذه، حتى اللحظة: مكتبة المسجد الأقصى
المبارك، والمكتبة الخالدية، والمكتبة البديرية، ومكتبة إسعاف النشاشيبي، والمكتبة
الأوزبكية، ومؤسسة إحياء التراث الإسلامي.
وعن عدد المخطوطات العربية في العالم الإسلامي يقول
الباحث: "خلال إعداد الدراسة تضاربت
الآراء حول تحديد عدد المخطوطات وما يقال نقلا عن باحثين ومختصين ان عدد المخطوطات
تعد من (قبل تخمين البعض) ثلاثة ملايين
مخطوط بينها النسخ المتكررة، اما المخطوطات ذات القيمة والأهمية بين هذا الكم فتصل إلى نحو نصف مليون مخطوط
منتشرة حول العالم.
أوضح،أهم
مجموعات المخطوطات العربية الموجوده خارج الوطن العربي هي: استانبول والاناضول في تركيا حيث يقدر عددها نحو (250 ألف مخطوطة) من ثم ايران، أوروبا حيث تم توزيعها وانتشارها منذ
الحروب الصليبيه وأشهرها مكتبة الأوسكاريال
في اسبانيا، حيث تضم مئات المخطوطات ومن ثم امريكا والهند والدول الاسلامية.حسب ما شاهده
(الدكتور ابراهيم ابو عمر).
قال الباحث عن سبب احتضان تركيا الأكبر للمخطوطات
العربية خلال المراجع والابحاث السابقة يقول خبير المخطوطات العالمي (هلموت ريتر)
لا تستطيع أي عاصمة في الشرق او الغرب ان تتباهى باقتنائها كمية مماثلة من
المخطوطات كما هي عليه الحال في استانبول، فاستانبول تحتل المركز الاول للمخطوطات
العربية والفارسية والتركية في العالم.وحين سأل "ريتر" صديقه الفقيه
التركي خوجا شرف الدين" كيف استطعتم ان تجمعوا كل هذه الكتب؟! وكان الرد
بكلمة واحدة ( بالسيف).
قال هناك عشرات المخطوطات التي نقلت إلى خارج فلسطين
بخاصة في أواخر الدولة العثمانية وبعد سقوطها، منذ الحكم العثماني في العام 1917
واحتلال فلسطين من قبل بريطانيا حيث أنشىء
المجلس الاسلامي الاعلى الذي أنشأ داراً للكتب في المسجد الاقصى والتي تعرضت
للاهمال والتلف والسرقه .
وأكد مابين الانتداب والنكبة نكبت المخطوطات
المقدسية خلال الاستعمار البريطاني حيث تعرضت كثير من المخطوطات الفلسطينية للتلف
والاحتراق بخاصة ابان الحرب العالمية الثانية يؤكد: (غيش عميت) عقب النكبة عاش
الشعب الفلسطيني (نكبة ثقافية) عندما تعرضت الكتب والمخطوطات الفلسطينية المنهوبة
من المكتبات ومن المنازل التي تم طرد سكانها بقوة السلاح بين الهرس والسرقة والنهب والتزوير..!
وهنا تظهر عدد المخطوطات التي تم نهبها من مدينة القدس ونقلها لتركيا ..!! أكد
ان القدس صانعة الكتب عبر العصور شهدت حركة دؤوبة في مجال صناعة الكتب وما يتصل
بها من النواحي التقنية والفنية مثل : استيراد الورق، صناعة الحبر، النسخ
والتجليد..، موضحاً أن الاجداد في القدم بمدينة القدس هم من صنعوا الحبر أما الورق كان استيراد من
الخارج.
مشيراً حول اختلاف النسخ في المخطوطات، ان النسخ عملية شاقة، أكثر العمليات مشقة في صناعة
المخطوطات حيث تستغرق وقتا طويلا، وتختلف جودة الخط من ناسخ الى آخر.
ودعا الباحث عزيز العصا، جامعة القدس لانقاذ ما تبقى من المخطوطات
وذلك عنترميمها وأرشفتها الكترويناً، وتناولها بالتحليل والدراسة، مؤكداً ان
المخطوطات هي إرث حضاري وإنساني وتاريخي للتأكيد على عروبة والوجود العربي
الاسلامي في مدينة القدس .
إرسال تعليق Blogger Facebook