aziz.alassa@yahoo.com
أثار البروفيسور فاروق مواسي على "موقع العرب وصحيفة كل العرب-الناصرة"، بتاريخ: 10/9/2014، سؤالاً في غاية الأهمية، وهو: تعريفنا من نحن؟ عرب إسرائيل؟! ولأنه من أهالي وسكان باقة الغربية في المثلث؛ يكون ب. مواسي ممن اكتووا من لهيب هذا السؤال، فأورد معلومات هامة تتعلق بالتسميات التي أطلقت شعبنا الذي بقي صامداً على أرضه بعد النكبة في العام 1948. ومن أبرز تلك المعلومات أنه حتى العام 1969، كان يُطلق عليهم تسمية "عرب إسرائيل" وأن العالم العربي كان يستخدم تسمية "عرب الأرض المحتلة"، ثم بدأ مسلسل التسميات المتمثل بـ: عرب الداخل، داخل الخط الأخضر، عرب-48... الخ.
لم يخفِ ب. مواسي قلقه وحيرته المستمرة، حتى اللحظة، بشأن التسمية التي يمكن اعتمادها في التعاملات المتداولة بين فلسطينيي-48 أنفسهم، على مستوى التخاطب وتسمية المؤسسات وغيرها، وبينهم وبين الخارج.
لقد بحثت، بعمق، في هذا الموضوع ووجدت أن هناك تسميات كثيرة وردت في الأدبيات الفلسطينية والعربية، تشير إلى فلسطينيي-48، وقد أردت متابعة هذا الموضوع، ليس من باب حب الاستطلاع؛ وإنما من منطلق التعرف على أسباب تعدد تلك التسميات، وانعكاساتها وخلفياتها السياسية، والاجتماعية، والسيكولوجية.
عندما أثار ب. مواسي هذا الموضوع للنقاش على حسابه على الفيسبوك، وجدنا أن المشاركين، وهم في غالبيتهم العظمى من فلسطينيي-48، قد انقسموا إلى شريحتين رئيسيتين، هما: شريحة واسعة، ارتأت أن التسمية ليست ذات أهمية تذكر؛ ولن تغير من واقعهم ولا تؤثر في صدق انتمائهم لشعبهم وأمتهم. وشريحة تفاعلت مع الموضوع؛ فأدلى كل من أفرادها بدلوه، وطرح وجهة نظر واضحة، مستنداً إلى فهم دقيق لمعنى التسمية وخطورة إساءة فهمها. وهذه هي الشريحة التي قال عنها ب. مواسي، في تعقيبه على الحوار: "القلائل" فقط من عرفوا جوهر الإشكال.
لذا؛ فإنه من المفيد التوقف عند التعليقات والمداخلات المهتمة بموضوع التسمية، والتي يمكن بلورتها إلى المفاهيم والتسميات التالية:
أولاً: كان هناك ترجيح لتسمية "عرب-48" على تسمية "فلسطينيو-48". كما أن هناك من أشار إلى أن تسمية "عرب إسرائيل" هي تسمية سياسية ديموغرافية. وأن تسمية "فلسطينيو إسرائيل" تعني "الأقلية الفلسطينية في دولة إسرائيل"، كأي أقلية في أي بلد بحكم الظروف السياسية تغيرت أسماؤهم وتعريفهم القومي والوطني، وهناك من أطلق تسمية "فلسطينيو النكبة"، باعتباره الأشمل، وأنه يميز الهوية والقومية والحقبه الزمنية والبعد الجغرافي.
ثانياً: أما التعليقات الأبرز فقد كانت لعضوي الكنيسيت مسعود غنايم وأحمد الطيبي، اللذين أجمعا على توزيع الفلسطينيين على مثلث مختلف الأضلاع. فقد ارتأى غنايم أن أضلاع هذا المثلث الجيوسياتراجيديّة، هي: "عرب أرض النّكبة 48"، "عرب أرض النّكسة 67" و"عرب بلاد الشّتات اللّاجئين في شتى بقاع المعمورة". أما الطيبي فرأى أن قاعدة هذا المثلث هم "فلسطينيو الضفة والقطاع"، والضلع الثاني هو "فلسطينيو الشتات"، والضلع الثالث أسماهم بـ "فلسطينيو الداخل"؛ داخل الخط الأخضر.
يتضح مما سبق أن هناك معضلة حقيقية في موضوع التسميات المثبتة حتى اللحظة، وتلك التي لا تزال تتفتق عنها أذهان المتحاورين. ولعل ما يشير إلى خطورة الوضع أن هناك تبايناً بين أفراد الشريحة المجتمعية الواحدة الذين لا يجمعون على تسمية محددة (كما هو الحال بين عضوي الكنيسيت).
إذا اتفقنا أن للتسمية دلالات جيوسياسية، خاصة وأن اسرائيل تسعى، بكل السبل، إلى إطلاق التسميات التي تتفق مع مفهوم "يهودية الدولة"؛ بأن تلغي الهوية القومية والوطنية لشعبنا، فإن الأمر يتطلب التحرك الجاد والفوري لتحقيق حالة من الرؤية المشتركة لصانعي القرار، والقائمين على مصالح شعبنا في فلسطين المحتلة عام 1948، باستخدام التسمية التي تحفظ لهم، أفراداً وجماعات، كيانهم المتمثل أيضًا بتسميتهم المنسجمة مع واقع حالهم ونضالهم اليومي في سبيل المساواة وتحصيل حقوقهم باعتبارهم يحملون الهوية الزرقاء، وقبل ذلك ومع ذلك يرسخون الوجود الفلسطيني هوية ولغة وأرضًا.
نشر في صحيفة القدس المقدسية، بتاريخ: 28/9/201م، ص: 20
فلسطين، بيت لحم، العبيدية، 17/09/2014م
إرسال تعليق Blogger Facebook