http://alassaaziz.blogspot.com/
قبل نحو ربع قرنٍ من الآن، غادرنا القائد "الكرمي" "محمد علي الصالح"، بعد أن ترك فينا وترك لنا سيرة للقصيدة المناضلة وللبندقية المقاتلة. وعندما أطلعني نجله الشاعر "عبد الناصر صالح" على أعماله، رحمه الله، لاحقني، فوراً ما قاله الشاعر :
الْــعِـــلْــمُ صَـيْـدٌ وَالَـكِـتَــابَةُ قَيْدُهُ قَيِّدْ صَيْدَكَ بِالْحِبَالِ الْوَاثِقَةِ
فَمِنَ الْحَمَاقَةِ أَنْ تَصِيْدَ غَزَالَـةً وَتَـتْـرُكْـهَا بَيْنَ الْخَلَائِقِ طَالِقَةً
ونظراً لأن إنتاج "محمد علي الصالح"؛ بسيرته ومسيرته وأشعاره هو أكثر من غزال يجوب الفلاة، فإنه لا بد من تقييده؛ أي توثيقه وحفظه، ليكون وثيقة تأريخية كاملة للأجيال القادمة. ومما يزيد من أهمية هذا (التقييد)، أمرين هامّين، هما:
الأول؛ أن الحقبة الزمنية التي عاشها الشاعر الراحل "الصالح" تغطي القرن العشرين، إلا قليلاً؛ فهي تقع بين عامي (1907 -1989)؛ التي بدأها ثم اختتمها بحسن الختام في طولكرم، وما شهدته هذه الحقبة من أحداث جسام، تتمثل في: أفول العهد العثماني، ثم الحربين العالميتين: الأولى والثانية، والانتداب البريطاني، والنكبة والنكسة، وما جرى لشعبنا في الأردن ولبنان، وحرب تشرين في العام 1973، وآخر تلك الأحداث مطلع انتفاضة الحجارة المباركة في العام 1988. تلك الانتفاضة التي ذكرها في أوائل قصائده في العام 1924م.
الثاني؛ أن "محمد علي الصالح"، وعلى مدار الأحداث، كان علما من أعلام الوطن الذين حفروا في صخوره الصماء؛ فعلى مدى اثنين وثمانين عاماً، كان يقظاً متبصراً بما يدور حوله، وهو يتنقل بين ربوع السياسة، والأدب، والفكر، والتربية. وفي كل تلك المراحل والأنشطة، كان "الصالح" شاعراً؛ يوثق بالكلمة المشبعة بلحن الوطن الغالي الذي حمله في ثناياه منذ نعومة أظفاره حتى وفاته.
ولعله من المهم، أن نذكّر بأن "شاعرنا-الصالح" قد انتقل، بعد دراسته الابتدائية في طولكرم، إلى القدس حيث نهل من علومها عبر الكلية الاسلامية حتى بلغ عامه العشرين؛ في العام 1927. ونظراً لحذاقته وقدراته المتميزة ولطاقاته الشعرية المتدفقة, فقد انطلق "شاعرنا-الصالح" في علاقات واسعة على المستويات السياسية والإعلامية والثقافية والمعرفية والتربوية. ولكل جزئية من تلك العلاقات قصة ممتعة، عبارة عن قصيدة "مغنّاة" تضع المتابع لها في صورة حال فلسطين وأحوالها خلال القرن العشرين.
وعندما تجولت في ربوع قصائد "شاعرنا-الصالح"، وعددها أربعون قصيدة، وجدتُني أمام مجموعة من المرتكزات، والمحاور، والدلالات والمؤشرات التي لا بد من التوقف عندها بالتمعن والقراءة والتحليل؛ لاستخراج (زبدتها) الفكرية والتوثيقية والتأريخية، أهمها:
أولاً: الطفل-الشاعر.. الشاعر-الطفل:
إذا اتفقنا أن عمر الطفولة يقع بين الـ (ميلاد) والـ (18) عاماً، فإن "شاعرنا-الصالح" يكون قد غادر الطفولة بعد عام ،1925وبذلك يجد الباحث أن 60% من قصائده قد كتبها وألقاها وهو في عمر الطفولة. وهذا يدل أننا أمام طفل بملامح فطرية عبقرية. تجعلنا نتوقف، بعمق، أمام تلك الطاقات والإمكانات التي وقفت خلف هذه (البذرة) فوفرت لها الرعاية إلى جعلتها باسقة نضرة في زمن قياسيّ. وقد اشار نجل الشاعر الراحل؛ الشاعر "عبد الناصر صالح" إلى أن من أساتذة "الطفل" محمد علي الصالح-الشاعر الراحلين في الكلية الإسلامية بالقدس: المقدادي وعجاج نويهض وغيرهما. وفي هذه الأجواء، العلمية، نشأ "شاعرنا-الصالح" واشتد عوده.
وفي عمر الطفولة هذا، تجده يتجلى كشاعر؛ عبر مجموعة كبيرة من القصائد، التي تنم، في محتواها وأشكالها الفنية وأوزانها، عن قدرات شعرية وفنية فائقة، كما تشير إلى امتلاك الشاعر-الطفل لرصيد، يكاد (لا ينضب)، من المفردات والمفاهيم والمصطلحات والتشبيهات والصور الشعرية... الخ، منها:
- في 9/1/1924، ينظم "شاعرنا-الصالح-الطفل" قصيدة "الموشحة"، التي ترقى إلى مستوى الموشحات الأندلسية، مما يقوله فيها:
وإذا لمْ تستطِعْ نارُ القِرى هيَ أوْلى مِنْ حميمٍ وجَحيمْ
أيُّها الرّامي بلَحْظٍ للفُـؤادْ
أُذكُرِ اسمَ اللهِ واترُكْنا عِبادْ
إنَّ عَيْني قدْ نأى عنْها السُّهادْ
- وفي 9/11/1924، يَنظم "شاعرنا-الصالح-الطفل" قصيدة "النحيب"، يقول فيها:
يا قاصداً قِبلةَ الإسلامِ خُذْ بِيَدي لي في الحجازِ أُمورٌ تَرْقُبُ الشُّهُبـــا
- وفي 3/9/1925 يقف "شاعرنا-الصالح-الطفل" أمام شاعر الشرق "خليل بك مطران"، فيلقي بين يديه قصيدة، بعنوان "يا شاعر القطرين"، مما جاء فيها:
فَرْضٌ عليَّ تحــيةُ العُظَمــاءِ يا شاعرَ القُطْريــنِ والشُّعراءِ
أُزجيكَ عن قومي الكرامِ تحيـةً بجمالِها كالدُّرةِ العَصْمــاءِ
- وفي 9/9/1925، يودع "شاعرنا-الصالح" طفولته في قاعة مدرسته بطولكرم، عبر قصيدة بعنوان "أَزِفَ الرَّحيل"؛ والتي ودّع فيها الأستاذ سعيد بك بُشْناق، ينهيها بقوله:
أَسَعيدُ شُكراً عَنْ بَني قَوْمي على أفعالِكَ الغُرِّ الحِسانِ جَزيـلا
فِـاذْهَبْ تُشَيِّعُكَ القلوبُ وأَنْفُسٌ تَـهْوى الثُّرَيّا ..لا تريدُ أُفولا
- كما أنه علينا أن لا ننسى أن"شاعرنا-الصالح-الطفل"، وفي 2/11/1924م، كان أوائل الذين وظّفوا مصطلح "انتفاضة" بالمعنى المتعارف عليه الآن، والتي هي خليط من الثورة الشعبية، التي تستخدم مختلف الوسائل والأساليب الكفاحية، في مواجهة العدو المسلّح، إذ يقول في قصيدة "يوم 2 نوفمبر":
إنّا سَنَحْمي حِمانا بانتفاضَتـِنا على عَدوٍّ غَريبٍ.. طامعٍ.. أَشِرِ
ونُنْقِذُ الأرضَ من أنيابِ مُغْتَصِبٍ ويعزِفُ البحرُ ألحاناً منَ السَّمَرِ
ونَسحقُ الظلمَ.. نَبْني صَرحَ دولتِنا وتَزْدَهي القُدسُ في أثوابها النُّضُرِ
ثانياً: وثائق تأريخية بامتياز:
الغالبية العظمى من قصائد "شاعرنا-الصالح" توثق لمناسبات هامة وعلى أعلى المستويات، كزيارات شخصيات هامة لفلسطين، واستشهاد قادة عظماء، والحروب والهزائم والأحداث المختلفة. ونظراً لكثرتها، فإننا سنوجزها بما يلي:
1) في 2/11/1924م يطل علينا "شاعرنا-الصالح" بقصيدة مطولة، بعنوان "يوم 2 نوفمبر" يستذكر فيها وعد بلفور المشؤوم، في ذكراه السابعة (في حينه)، يصف فيها ذلك اليوم (المشئوم)، بقوله:
لا باركَ الله في ذا اليومَ إنَّ بهِ يا آلَ قَحطانَ "وَعْداً" واضحَ الضَّرَرِ
وبعد حوار وسجال ووصف لواقع الأمة بشكل عام، والشعب الفلسطيني بشكل خاص، توجه "شاعرنا-الصالح" إلى قومه، موجهاً وناصحاً ومحذراً من المشاريع المشبوهة التي يتبناها الغرب، إذ يقول:
لكنْ علينا بأن نسعى إلى عَرَضٍ نبغيهِ مَسعى أولي الإقْدامِ والنّظَرِ
وأن نكونَ حِيالَ الغَرْبِ في حَذَرٍ فإنَّهُمْ وَرِثوا مَنْظومَـةَ التَّتَـرِ
2) وفي نفس السياق، وبالتحديد في 6/3/1925م؛ في الحدود بين شتاء فلسطين الجميل وربيعها الأجمل، يحضر المدعو "آرثر بلفور" لمتابعة نتائج وعده المشؤوم، فينبري له "شاعرنا-الصالح" بـ "قصيدة-وثيقة"، بعنوان "ليلى وبلفور"، بحضور مفتي الديار الفلسطينية، في حينه، الحاج أمين الحسيني. يصف فيها حال الشعب الفلسطيني وأحواله، بقوله:
حالُـنا، بين الورى، أُعْجوبةٌ ضَحِكَ البَدْوُ عليها والحَـضَرْ
يا جَنيناً ؟ هل بَلَغْنا مَقْصَـداً أو خَطَوْنا في مَرامٍ أو وَطَــرْ
قل لهم "بلفور "يَأْتيكُمْ غَداً هل تكاتـَفْتُمْ إلى هذا الخَبـَْرْ
ثم يصف ردود الفعل على تلك الزيارة، في أوساط الطلبة الفلسطينيين، وبالتالي في أوساط المثقفين، بقوله:
غُرَفُ التَّدريسِ تغلي غضباً واعتقاداتُ بَنيـها كالشَّـرَرْ
كلُّهُمْ يَنْـزَعُ في تدريسـِهِ نَزعةً تَـهْفو لنصرٍ مُنْتَظَـرْ
1) وليس ببعيدٍ عن بلفور ووعده، ينظم قصيدة، بعنوان "حكومة الطّور"، إثر افتتاح بلفور للجامعة العبرية في القدس، والتي حذّر فيها "شاعرنا-الصالح" من الكيان اليهودي القادم، ومما قاله في هذه القصيدة:
الله أكبرُ لا نريدُ الطـــورا جبلاً يَحِفُّ بنا ولا بَلْفورا
ما سطَّرَ التاريخُ وَعْداً كالـذي أَوْعَدْتَهُ شعباً غدا مَدْحورا
2) في العام 1935، يوثق لمرحلة هامة جداً من تاريخ الشعب الفلسطيني، من خلال قصيدة بعنوان: "دم القسّام"، من (33) بيتاً يؤبن/ يرثي فيها الشيخ الشهيد عزّ الدين القسّام، حيث اعتبر استشهاد "القسّام" بداية مرحلة جديدة في مراحل النضال الفلسطيني والعربي ضد الاستعمار، بقوله:
إفْتَتِـحْ بـالفِـــداءِ والآلامِ مَـنْهَجَ الحقِّ يـا دمَ الـقسّـامِ
كما يشير إلى الجغرافيا الفلسطينية التي احتضنت الشهيد القسّام وصحبه، فيقول:
قُمْ إلى غابَ " يَعْبدٍ "غَيْرَ وانٍ قُمْ إلى ذلكَ المكانِ الحَرامِ
وَسَلِ الغابَ عنْ عصابةِ صِدْقٍ حينما أَقبلَ النَّـهارُ الدّامي
3) في قصيدة طويلة، بعنوان "الفدائي"، تتألف من (44) بيتاً، يوثق لإبن نابلس "فريد يعيش"؛ ذلك الشاب-المناضل خريج الجامعة الأمريكية، الذي ترك رغد الراتب العالي ونعيم العيش، ليلتحق بالثورة في العام 1936، ومما يقوله فيها:
طأْطيءْ له الهاما و اضْفِرْ عليه الغارْ
للهِ قد قــاما و للمَعالي ثارْ
4) وفي نيسان من العام 1977، يطل علينا "شاعرنا-الصالح"، وهو بعمر الشيخوخة، لكي يرثي المحامي المجاهد "مصطفى عودة" بل يوثق لها، ومما يقوله:
يا أَخي يا زَيْنَ إخْوانِ الصَّفا يا أخي يا صِنْوَ روحي مصطفى
إن بكيناكَ فما نَبْكي سوى كوْكَب ٍمنْ ساحةِ المجدِ اختفى
كما يصفه بصورة رائعة، بقوله:
هو كالنَّخلةِ في استعلائِها ما حنى قامَتهُ أو ضَعُفــا
5) وفي الثمانينيات، يوثق لشاعرٍ ولمرحلة، من خلال قصيدة رثاءٍ، تتألف من (33) بيتاً، بعنوان "كيف أَرثيكَ يا أَبا سَلْمى؟". ومما جاء فيها:
لـســـــــت ادري بــــعــــد أَنْ فــارَقـْــتنـــــــا
كـــيــــف أرثــــيــكَ ودمــعــي فــي انــسكـــــــــــابْ
فـــي نــعـيــم الـخُــلـْــد نـَـمْ فــــي راحـــــةٍ
نـِــعـْمـَــــتِ الـصّحْبـَــةُ فيــهِ والثـَّـــوابْ
6) وكذلك في الثمانينيات، وعبر قصيدة بعنوان "إلى المناضل بسّام الشكعة"، نجده يوثق لما جرى من اعتداء صهيوني على المناضل الفلسطيني "الشكعة" فيوثق "شاعرنا-الصالح" لتلك الأحداث، بقوله:
جدَدّت يا بسام عرس مؤتةٍ
و جعفر الطيّار في الصيّالِ
ثم يصف تماسك الشعب الفلسطيني والتفافه حول مناضليه، بقوله:
واهنأْ بــما تلقــى من اســــتقـبالِ
و ليــس ما تلقـاهُ إلاّ نقطـــةً
من بحر حبّ الشعب للأبطـالِ
ثالثاً: أقوال (مأثورة)، نصائح، حكم، دعوات للثورة على الظلم:
لم تمر قصيدة من قصائد "شاعرنا-الصالح" دون أن تحمل في ثناياها حكمة أو قولاً يصلح تداوله كمثل بين الناس، وكعبرة تتناقلها الأجيال، أو دعوة لعدم الاستسلام والخنوع. ولعل أجمل ما قرأت من حكم ما ورد في قصائده في عمر الطفولة. ففي قصيدة "تذكارات الطفولة" المؤرخة في 2/3/1925، يبدو فيها وكأنه يودع طفولته وهو في الكلية الإسلامية بالقدس. إذ ينقلنا من صورة جميلة إلى صورة أجمل مع الطيور التي يعشقها بقوله:
فهذي الحياةُ صراعٌ شديـدٌ يُحيقُ المدجَّـجَ بالأَعْــزَلِ
وَقالوا الدُّبورُ تعيقُ السَّفيـ نَةَ هـذا نفـاقٌ فلا تَقْبـَلِ
إذا ما أَرَدْنا نَهُدُّ الجبــالَ فَغنِّ غنـاءَكَ.. لا تَكْسَلِ..
وفي قصيدة "إن مع العسر يسرا" يحارب اليأس ويدعو إلى السمو في التفكير، بقوله:
البؤسُ فالٌ عظيمٌ لـو تفَـرَّسَـهُ أهلُ النُّهى لجَثَوْا في رِبْقَـةِ الضَّجَرِ
قد أفلحَتْ حُجّةُ الباري فلا هَرَبٌ ولا مَناصٌ ولا فَوْتٌ من القَـدَرِ
وفي قصيدة "أزف الرّحيل" يدعو من يرجو النتائج، أن يبادر إلى الجد والعمل، بقوله:
روِّ الغِراسِ بِماء فَضْلِكَ بُكْرَةً لتَرى الثِّـمارَ جَنِيّةً، وأَصيـلا
وفي قصيدة رائعة، بعنوان "تحية الشّباب" ينثر فينا بذور الأمل بمستقبل مشرق، ويدعو إلى الثورة على الواقع، والعمل الجاد المتواصل، ومما يقوله:
يا مَوْطِني هاكَ الشّبابُ إذا أردتَ بِه إنقلابا
و مَنِ ارْتَضى حَمْلَ الأذَى فَقَدِ ارْتَضى سُمّاً وصَابا
والحَقُّ يُؤْخَذُ عُنْوَةً ويَكون عَذْباً مُسْتَطابا
وفي قصيدة "إلى الأستاذ الجليل: إسماعيل الطرابلسي" يذكرنا بواجباتنا الوطنية والقومية، كما يعيد إلى الأذهان وعد بلفور، فيقول:
أوَّاهُ يا وطنَ العروبةِ والفِـــدا أُسْلِمْتَ حتى حَلَّتِ اللأواءُ
"بِلْفورُ" ينهبُ أرضَنا، ومُرادُهُ أنْ يستبدَّ بحقنا الدُّخَلاءُ
وفي قطعة شعرية تمثيلية، بعنوان "دعوة إلى الوحدة"، يقول:
فشُدّوا العزْمَ واسموا للمَعالي وكونوا آلَ قَوْمي باتِّحادِ
فانتمْ خَيْرُ خلقِ اللهِ حقّـاً وأنْدى العالمَين ..بلا انْتِقادِ
رابعاً: حضارة فلسطين وجمالها وجغرافيتها حاضرة، بكثافة، في قصائد "شاعرنا-الصالح":
ففي قصيدة "سياحةٌ مدرسيّة" يمتّعنا "شاعرنا-الصالح" بفلسطين؛ حضارة، وجغرافيا، وموئلاً للعلم... الخ. ومما يقوله:
وبِسَفْحِ الطّورِ نمشي تارةً فَنُحاكي سِرْبَ عُقبانٍ يَدورْ
وإذا الوادي تَبَدَّى دونَنـا كانَ ما يجنيهِ ويلاً وثُبور
يا رعاكِ اللهُ من كُلِّيــَّةٍ أَسَّسَتْ رغمَ معاداةِ العُصور
أَسَّسَتْ في القُدْسِ مأوىً صالحاً مَعْهَداً للعِلْمِ كالبَدْرِ الـمُنيرْ
وفي قصيدة "أُذكُريني" يمتّعنا "شاعرنا-الصالح" بفلسطين؛ أرضاً، وسماءً، وماءً، ونباتاً، وأشجاراً، وهواءً... الخ. ومما يقوله:
أُنظري الورقاءَ تشدو سَحَراً وتُغَنّي الشِّعرَ مثلَ الشُّعَرا
فَهْيَ للأَفْنانِ تَشْكو حُبَّها وتُناجي في الظلامِ القَمَـرا
وإذا ما أشْرَقَتْ شمسُ الورى وغَدَتْ تَلْثُمُ زَهْراً نَضِـرا
هاجَها الشَّوقُ فَجاءَتْ لتَرى في البساتينِ حَفيفَ الشَّجَرِ
فأناجيكِ فلسطينُ اذكري ...
وفي قصيدة "خواطري" يصف "شاعرنا-الصالح"، حدود فلسطين، إذ يقول:
في ربى الأُردنِّ في جنح الظلام حيث في المشرق قد بان الغمام
إيهِ سوريا على جنّـاتهــا وعلى أفنانها غنى الحمـــام
خامساً: "شاعرنا-الصالح" وطني-قومي؛ يرى فلسطين عبر الأمة، ويرى الأمة عبر فلسطين:
أينما قرأت لـ "شاعرنا-الصالح"، حتى في (الغزل) تجد إشارة، مباشرة أو غير مباشرة، للوطن وضرورة الدفاع عنه، ويربط ذلك بالواقع المأساوي للأمة (العربية)، التي "يتغنى بماضيها وأنفتها وعزتها. إذ يمكننا إدراج جميع المحاور والمرتكزات المذكورة أعلاه ضمن مرتكز الوطن والوطنيات. كما أن "شاعرنا-الصالح" "أفرد" قصائد يصف فيها حال الأمة، ويدعو إلى وحدتها واصطفافها خلف أهدافها الاستراتيجية في مواجهة الاستعمار، منها:
1) ففي قصيدة "إلى الأستاذ الجليل: إسماعيل الطرابلسي" يوثق لشهداء فلسطين الذين قضوا دفاعاً عن كرامة شعبهم وكبريائه، فيقول:
زُرْ في فلسطينَ الذبيحةِ أرْبُعاً روَّى نباتَ سهولِها الشهداءُ
2) وفي قصيدة "نأى عني"، التي نظمها وألقاها "شاعرنا-الصالح"، في 15/10/1939؛ أي في خضم الصراع مع المستعمرين البريطانيين والمغتصبين الصهاينة، يقول في الوطن والتضحية:
فِدَى وَطَنٍ شُغِفْتُ بِه على البَأساءِ والخَيْرِ
شَقِيتُ بِحُبِّهِ حَدَثاً وصِغْتُ بِوَصْفِهِ قَدَري
3) ثم يعزز الوطن في نفوس الأجيال، مؤكداً على أن لفلسطين جناحين، هما: مسلموها ومسيحيوها. فيقول عبر قصيدة "زين إخوان الصَّفا"، التي نظمها في العام 1977:
وطنٌ عِشنا على تَقديسِـهِ وَعنِ التّقْديسِ لن نَنْحَرِفـا
أُخوَةٌ في الوَطَنِ الغالي وَكمْ عانقَ الشيخ ُ أخاهُ الأُسْقُفـا
وانْتَشى الأَهلونَ زَهْواً حينما قبَّلَ الإنجيلُ فيهِ المُصْحَفـا
ثم يصمم "شاعرنا-الصالح"، قطعة شعرية تمثيلية بين أربعة أشخاص، بعنوان "دعوة إلى الوَحدة"، يُجري فيها حوارات بين أربعة مهنيين يشكلون، في مجموعهم، غالبية الشعب الفلسطيني، وهم: الفلاح ، التاجر ،الصانع والوطنيّ. ثم يُدير الحوار بينهم، بما يضمن للقارئ للحوار والمتمعن فيه مستوى من الثقافة والتعبئة الوطنية، التي تشخص الواقع كما هو؛ بما فيه من فسادٍ وإفسادٍ؛ بمصدريه: الاستعماري والخياني الداخلي. ثم ينبري المتحاورون للتحريض والحث على النهوض والتقدم، والتي يُنهي فيها "الوطن للجميع" خلاصة الأمر بالتوجه نحو الوحدة والتعاضد لتحقيقي الأهداف الوطنية والقومية المنشودة. ومما جاء في هذا المقطوعة الشعرية:
الفلاّح للتاجر:
أُخَيَّ تعال نندبُ ذي البـلادِ ونبكي جُرحَها ملءَ الفؤادِ
فلا مالٌ لدى الفلاحِ فيــهِ يُطَوّرُ آلةً من عهدِ عـادِ
ولا خلٌّ يـؤازرنا بـرأي ويَنصرنا على بَطْشِ الأَعادي
التاجر للفلاح :
أُخَيَّ مُصابُنا قدْ حَلَّ حَقـاً وفينا قدْ سرى سُمُّ الفَسادِ
غَرقْنا في الكرى قَومي، فَهُبّوا جميعاً واسْتفيقوا منْ رُقادِ
إلى التُّجارِ ارفعُ جُلَّ قَـوْلي وأُعلي الصَّوتَ في كلِّ البوادي
الصانع : للفلاحِ والتاجِر:
ألا أخَويَّ ما خَطبُ البِلادِ وماذا قد جَرى من ذا السُّهاد
نَبَذْنا صُنْعَ أيدينا مَكانــاً قَصِيّـا وازْدَرَيْنا كلَّ هادي
تخَذْنا صُنع أعدانـا لباسـاً وصُنْعُ رجالِنا عَنّا بِـوادي
الوطن للجميع :
ألا صَحْبي أراكُمْ في حَديثٍ تَنالُ نِبالُهُ أهلَ الفَسادِ
بَنو الأبطالِ إنّا إنْ غَضِبْنـا نُقَتِِّلُهُمْ.. بأسيـافٍ عِنـادِ
فَتحنا المشْرِقَيْنِ بِحَدِّ عَضْبٍ فجاءَ الكَوْنُ طُرّا بانْـقِيادِ
4) في قصيدة "النحيب"، ورغم قصرها، إلا أن "شاعرنا-الصالح"، بكى واقع الأمة، وفصّل في تشخيصه، ثم استحضر ماضيها التليد. ومما يقوله:
ان كنتَ تبكي هَلُمَّ ابكِ معي العَرَبا واذْرِفْ دُموعاً كَصَوْبِ القَطْرِ مُضْطَرِبـا
واندُبْ بني يَعْرُبٍ جَهْراً فانَّـهُمُ ( قومٌ أبى الدهرُ أنْ يُعلـي لـهُمْ طُنُبـا)
ثم يقول:
بالأَمْسِ كُنتِ وكنّا منكِ في طربٍ وفي عراكِ الـوَرى.. أَحَلْتِنا ُقضُـبـا
تاللـهِ تاللـهِ لا ننسى جهابذةً شادوا صُروحاً وحدُّ السَّيْفِ عنكِ نَبـا
وفي قصيدة "يا شاعرَ القُطْرَيْن" يتوجه إلى ضيف فلسطين الكبير "خليل مُطران"، شاكياً حال الأمة وأحوالها، فيقول:
هذي الجزيرةُ يا "خليلُ" عَرينُــنا لعبوا بها كالآلــة الصَّمــاءِ
أَذْكوا بها النيران حيثُ توقَّــدَتْ باليابسِ المهجورِ والخَضْــراءِ
داموا استباحةَ قبْـرِ عيسى وَيْلَهُم وتطرَّفوا، يا قومُ، للعـــذراءِ
وكذا استباحوا ثالثَ الحَرَمَيــنِ في ظُلْمٍ لِيَسْبـوا قِبْلـةَ الإسراءِ
5) وفي قصيدة "تحيّةُ الرايةِ العربيّة" يوجه "شاعرنا-الصالح"، التحية للراية العربية، ومما قاله فيها:
يا بني العرب يا أسود الشراة أين من قال للبلاد حياتــي
ما لقـومي فكل آت آتـي دربوا الجيش نظموا الهجمات
وارفعوا راية وقودوا سرية
6) كما يفرد، في العام 1924، قصيدة، بعنوان "يا بَني العُرْب"، يصف فيها هوان الأمة، وتخاذل قادتها وخنوعهم في مواجهة المشاريع الاستعمارية في المنطقة، ومما يقوله:
عيلَ صَبْري باللهِ ما تَصْنَعونـــا يا بني العُرْبِ حاذِروا صهيونا
أنتمُ اليومَ بالقماشِ رجــــالٌ إنَّ تحتَ القِماشِ داءً دَفينـا
قد لِحقْتُمُ بالغَرْبِ ..سِرتُمْ إليــهِ كقطيعِ الأغنامِ يمشي حَرونـا
وفي نشيد "ذكريات وشذور" التي نَظَمها في أواخر العم 1925، يدعو الأمة إلى أن تأخذ دورها اتجاه فلسطين وأهلها، إذ يقول:
يا بني مصر وسوريا..ويا أهلَ العــراق
ساندوا في الحق قومي، فكفى هذا الفراق
سادساً: الغزل والحب العذري يطرّز قصائد "شاعرنا-الصالح":
إن أجمل ما في غزليات "شاعرنا-الصالح"، هو أنها توثق للزمان والمكان، فهي بطعم ذلك الزمان ونكهته المتميزة ببراءة "الناس" وبساطتهم وطيبتهم، وعلاقات الذكور بالإناث؛ القائمة على العفة والطهارة والرغبة في إنشاء أسرٍ جديدة تحمل الرسالة وتتسلم الراية، وما يلاقي كلا الحبيبين من صعوبة فائقة في التعارف واللقاء والتواصل. وهي بجمال ذلك المكان ومتعة طالع؛ فخرير الجداول، وشدو البلابل، وتغريد العصافير وهي "تتبختر" في الحدائق والغنّاء والبساتين الجميلة. ففي قصيدة "ألم الوجد والغرام"، التي نَظَمها وهو بعمر العشرين عاماً، يبدع "شاعرنا-الصالح" في وصف جمال المحبوبة ورشاقتها وخفّتها، ومما يقوله:
وفي وجنتيها يا أُهَيْلي تَفَجَّرتْ ينابيعُ مسكٍ تسلبُ العقلَ والصبرا
ولما التقينا لا وصال تبسمت بمبسمها الفضي فاستمطرت دُرّا
وفي قصيدة "أُغرودَتي" يناجي "شاعرنا-الصالح" وهو في السابعة والثلاثين من عمره، "ميسون" قائلاً:
"مَيْسونُ ".. دُلّيني الطريـقَ وطَمْئِني الذِّهْنَ الـمُشَـرَّدْ
رُدّي إليَّ حُشاشَــةً ذابَتْ ونوراً كادَ يُخْمَــدْ
وفي قصيد "قبْلة" يقول:
لي قُبلةٌ لستُ أَرْضى بها سماءً.. وأَرْضا..
مَفْروضَةٌ كلَّ يَوْمٍ يا ما أُحَيْلاهُ فَرْضا
ثم يقول:
كَمْ خُضْتُ كُلَّ صِعَابٍ إلى لِقَائِكَ.. خَوْضا
وذُقْتُ فيكَ هَواناً على اعتزازي.. وَبُغْضا
تُرى أَبَعْدَ بَلائـي يَكونُ ردُّكَ رَفْضا؟
وفي قصيدة "سألت عن لبنى" يقول:
سألتُ عن لُبنى نسيمَ الصَّـــبا و القلبُ يَخْشى من جوابِ السّؤالْ
فقيلَ لُبنى أَزْمَعَتْ أَمْرَهـــا مِنْ بعدِ تَبْريحِ الهوى و المَـطـاْل
وفي العام 1940، ينظم قصيدة "لقاء" يصف فيها الظروف التي أحاطت بقصة لقائه بالمحبوبة، ثم يكون "جريئاً" في وصف تفاصيل ذلك اللقاء، الذي جاء بعد عناء. ومما يقوله:
الماءُ جارٍ خافِتٌ صَوْتُهُ والطَّيْرُ نامَتْ بَعْدَ أعْراسِ
هُناكَ لاقاني و لاقَيْتُهُ لُقْيا الغِنى مِنْ بَعْدِ إِفْلاسِ
وحول وفاء الأحبة، يقول "شاعرنا-الصالح" في قصيدة "أشكوك":
أَمْ ثَمَّ سِرٌّ يا فَتاتِي و هل
في الحُبِ بَعْدَ العهدِ من ذَبْذَبَةْ؟
كما يفرد "شاعرنا-الصالح" قطعة شعرية تمثيلية بين الجسم والفؤاد والحبيب، ومما يقوله فيها:
الفؤاد :
إني هويت وقد خضعت لمن لها حب سرى في خالص الوجدان
لعب الهوى بي تارة فأضاعني يا ليت نلتُ من الحبيب ثواني
الجسم:
إِهدأ، فديتكَ، رُبَّ من أحببتها عشقتْ سواك فبِتَّ في خسران
بك رأفةٌ ادعوك يا رب الهـوى أبدلْ حبال الوصل بالهجرانِ
الحبيب:
قبحتَ من أدراك أنيَ عاشــقٌ غير الذي أهواه منذ كيـاني
أفسدتَ هذا القول لا ترعى بـه شرفاً من الأخلاق والعرفان
سادساً: يحثنا "شاعرنا-الصالح" على العلم وعلى اللحاق بركب الحضارة:
لقد كان للعلم والحث على نيله، نصيبٌ في قصائد "شاعرنا-الصالح"، كما أنه حث على اللحاق بركب الحضارة، فقد كان يرى في ذلك السبيل الوحيد الذي يجعلنا قادرين على الصمود في وجه المؤامرة الاستعمارية التي تستهدف أرضنا وهويتنا ووجودنا. ففي قصيدة "سيروا خفافاً" التي نظمها في أواسط العام 1925، نجد "شاعرنا-الصالح" يقول:
هذا زمانُ الكَـهرباءِ يُضيءُ في أسلاكِهِ لُجَجَ الظَّـلامِ السُّودا
فإلى التَّعلمِ سارِعوا كي تُرْجِعوا مجدَ العروبةِ في الجـلالِ فريدا
وفي وداعه لأستاذه "سعيد بُشناق"، يقاول:
أَنْبِتْ بِغَزَّةَ ما أَرَدْتَ مِنَ العُلا وابْعَثْ معالِمَها وَكُنْ مَسـْؤولا
وانشُرْ لواءَ العِلْمِ في أرجائِـها حتّـى تَجُرَّ مِنَ الفَخار ذيولا
وفي قصيدة "حكومة الطور" التي ألقاها بمناسبة افتتاح بلفور للجامعة العبرية، نجد أن "شاعرنا-الصالح" يدعو إلى مواجه المنهج العلمي للغزاة بالتعلم وبناء الصروح الحضارية، ومواجهة قوتهم بوحدتنا، ومما يقوله:
هُبّوا زُرافاتٍ وطيروا في الفضا واسْعَوْا لنُحيي في البلادِ ذَكورا
سيروا إلى العِلْمِ الذي نَسْموا بِهِ للفَرْقَدَيْنِ ..وأَفْصِحوا التَّعْبيرا
بالعِلْمِ نَبْني في البـلادِ حَضـارةً ونُشيدُ عزّاً خالداً.. وَقُصورا
وَنُعيدُ للأَوْطانِ مَـجْداً شـادَهُ آباؤُنا.. فاستَشْعِروا التَّطْويرا
وإذا تَعَلَّمْنـا نُزيـلُ وَساوساً وَنَضُمُّ عَقْلاً بائداً مَبْذورا..
الاستنتاجات، النتائج والتوصيات:
كل مفردة في قصائد الشاعر "شاعرنا-الصالح" ذات دلالة وعمق؛ إذ تنبض بالفكر وبالثقافة وبالمعرفة، التي شعرت أنني، في عمري هذا الذي يغادر عقده السابع، بأمس الحاجة إليها. فقد تميزت قصائد "شاعرنا-الصالح" بمجموعة من الخصائص والميزات، التي قلما تجتمع لدى شاعرٍ أو ديوان شعر. ففي كل شأن تجد التنوع الإبداعي في مجموع قصائد "شاعرنا-الصالح":
- فقد نظم قصائد وهو بعمر الطفولة، وقصائد أخرى وهو بعمر الشباب، وأخيراً؛ يودعنا بقصائد وهو في عمر الشيخوخة؛ في ثمانينيات القرن الماضي.
- ونَظَمَ قصائده على معظم البحور والأوزان والألحان. كما أن منها ما هو قصيد، ومنها ما هو نشيد، ومنها ما هو موشحة.
- أما مواضيع قصائد "شاعرنا-الصالح"؛ فتجدها كما تجد نفسك وأنت تتجول في بساتين-حدائق غنّاء؛ فيها ما لذّ مذاقه، وما يريح منظره. فقد نَظَمَ "شاعرنا-الصالح" قصائده في السياسة على أعلى مستوياتها؛ فقبل نحو قرن من الزمن يصف "شاعرنا-الصالح" واقع فلسطين الممتد حتى زماننا هذا، بقوله:
هذي فلسطينُ العزيزةُ أصبحَتْ مغلولة ..ً والغلُّ يَسْبي الغيـدا
كما نظَمَ قصائد في الفكر والفلسفة، وفي العلم والتعليم، وفي الجغرافيا والتضاريس والجمال، وفي الغزل وفنونه وأشكاله، وهو الذي يقول عن نفسه، بأنه:
وها أنا ذا أصوغُ الحبَّ شِعْراً وأَجْعلُ مِنْهُ لي دَرْساً وفَـنّـا
ولم يتوقف "شاعرنا-الصالح" عند هذا؛ بل كان يتناول قضايا ومشكلات اجتماعية ليعالجها شِعراً، بل ليوثق لها، لتُحفر في الذاكرة وتصبح أحداث لا تنسى، ولعل أجمل مثال على ذلك تلك القصيدة التي تحمل عنوان "الوردةُ المخطوبَة"؛ والتي نَظَمها في أواخر العقد الرابع من عمره، في موضوع فتاةٍ خُطِبَتْ لأحدِ النّكِراتِ في طولكرم، وكانت خِطْبَتُها حديثَ الشبابِ، وعلى الأخص العزّاب، ومما يقوله في هذه القصيدة:
فهبَّتْ نَسمةُ و سمعتُ منهــا جواباً مِنْ رَنينِ الجِنِّ أَدنـى
يقولُ عَدا على المَغْنى خَطيبٌ ولم يُمْهِلْهُ حتى اختار لُبْـنى
وقصيدة "الورقاء المعتقلة" التي ينتصر فيها لفتاة (جار) عليها الزمن، إذ يدعو في نهاية قصيدته بالقول:
فانقذوا الكنار إن به فوق ما يشدوه من محن
ختاماً، ولأن وجهة النظر أمانة يجب أن توضع في مكانها الصحيح؛ فإنني أتوجه إلى صانعي القرار الفلسطيني، على المستويات المختلفة، بضرورة القيام بخطوتين متتابعتين، وهم: أما الأولى؛ فهي إنجاز ديوان شعرٍ يضم قصائد الشاعر "محمد علي الصالح" على أن يتم تبويبها بحسب التواريخ؛ وذلك لأن الأهمية الرئيسة لها تكمن، بشكل أساسي، في أن كلاً منها قدي نُظمَت وألقيت في مناسبة تشير إلى حدث هام، يساعد المتتبع للشأن الفلسطيني في الربط بين أحداثها. وأما الخطوة الثانية؛ فهي اعتماد تلك القصائد في المنهاج الفلسطيني؛ ففي مختلف التخصصات والمباحث والفروع تجد للشاعر "محمد علي الصالح" إبداع (شعري) يجعل القارئ-الطالب مملوء بالفكرة مشبع بأهدافها متفهم لمعانيها.
aziz.alassa@yahoo.com
فلسطين، بيت لحم، العبيدية
إرسال تعليق Blogger Facebook