0
كما نشر على صفحات صحيفة "العاصمة" المقدسية، العدد (15)، ص: 15، وفق الرابط التالي:
http://pncj.plo.ps/capital/wp-content/uploads/2015/07/al3asema15.indd_.pdf
كلمتنا الأخيرة.. المدرسة تحصد جائزة مؤسسة التعاون لـ "مدارس متميزة لمستقبل مشرق".. 
كم كانت فرحتي كبيرة عندما دعتني السيدة نسرين مناريوس لحضور حفل تسليم "جائزة مؤسسة التعاون" لمدرستهم العريقة في 26/04/2015م، فقد عزّزت مؤسسة التعاون وصفنا لهذه المدرسة وقراءتنا الدقيقة لما بين سطور مسيرتها الرائدة. فعندما أُخضعت العديد من المؤسسات المقدسية التربوية والتعليمية لمعايير الإبداع والتميز المختلفة، وفق شعار (معيار): "مدارس متميزة لمستقبل مشرق" انتهى الأمر بمؤسسة التعاون إلى اختيار "مدرسة الأميرة بسمة الثانوية" لنيل جائزة "نبيل هاني القدومي" لهذا العام (2015).


مدير مدرسة الأميرة بسمة (أ. وسيم علي) يتسلم جائزة "مدارس متميزة لمستقبل مشرق" من مؤسسة التعاون للعام 2015

إذا ما علمنا بأن "القدومي" يؤمن "أن التعليم أساس التحرر والتقدم"، فإننا سوف نتوصل إلى قناعة مفادها أن هذه المدرسة قد جمعت المجد من كل أطرافه؛ فقد توفر فيها ما يؤمن به القدومي؛ بأنها تسهم في صياغة إنسان فلسطين يسعى للتحرر من قيود الظلم والجهل والتخلف، كما يسهم في بناء الحضارة والتقدم ببعديها الوطني والإنساني، كما توفر فيها ما يحقق معيار (شعار) مؤسسة التعاون. أي أننا أمام مدرسة توفر لطلبتها التعليم المؤسِّس للتحرر والتقدم، كما أنها تحمل شعلة وضّاءة نحو مستقبل مشرق للقدس وأهلها، ولفلسطين وشعبها الباحث عن الحرية والساعي إلى إقامة دولته الحرة المستقلة.
ومما يعزز هذا كله، أن مدير المدرسة (أ. وسيم علي) ألقى كلمة أثناء حفل استلام الجائزة، خص فيه الطلبة التوحديين بالذكر، باعتبار أنه لذوي الإعاقة، أيًا كانت إعاقته، الحق في التعليم. ولا أعتقد أن أحدًا يمكنه القول بأنه من السهولة بمكان أن ننقل من هو مصاب بالتوحد إلى الحياة العادية! فالأمر بحاجة إلى إيمان وقدرة فائقة على العمل المتواصل، على مدار الساعة، لتحقيق هذا الإنجاز العظيم. 
وهذا يعني أن هذه المدرسة، كجزء من المؤسسة الأم، تحمل تطلعات جادة نحو مستقبل مشرق؛ في أن تنقل صاحب الإعاقة من غرفة مغلقة ينتظر فيها أجَله إلى غرفة الصف، إلى جانب الطلبة العاديين؛ لينهل من العلم والمعرفة والتدريب والتأهيل ما يجعله منتجًا، بانيًا، وفاعلًا في مجتمعه. 
كلمتنا الأخيرة
أجمل ما يمكنني اختتام ورقتي هذه به، هو قصة النجاح المذكورة أعلاه، والتي لم أكن لأعلم بها لو لم تبلغني إدارة مؤسسة الأميرة بسمة بعنوان صاحب هذه التجربة الرائعة باعتباره، إلى جانب العشرات غيره، هم المخرجات الجميلة التي تزهو بها هذه الإدارة بها وتعتز بأنها أخرجت ذوي الإعاقة من ظلمات الإهمال والعزل والحصر في أماكن مغلقة، بلا رعاية، إلى نور الحياة وفضائها الرحب الواسع، وتوفير الفرص الكافية للإبداع والتميز والعيش الحر الكريم، إلى جانب أفراد مجتمعهم الآخرين. 
لا شك في أن لكل مؤسسة رسالتها ورؤيتها وأهدافها الاستراتيجية المكتوبة على الورق، أما في مؤسسة الأميرة بسمة، ووفق ما شاهدت بأم عيني، فإنني تلمست الأهداف، على أرض الواقع، من خلال تلك الإمكانات الضخمة التي وفرتها المؤسسة لذوي الإعاقة وأسرهم وللمجتمع المحيط بهم. فقد قمت بزيارة دخلت فيها إلى سكن الأمهات وأطفالهن بواقع (18) سريرًا يشغلها (36) شخصًا؛ بواقع طفل وأمه لكل سرير. كما تجولت في تلك الغرفة الواسعة المتعددة الأغراض؛ حيث يُقدم فيها وجبات الطعام للأطفال وأمهاتهم، بواقع ثلاث وجبات يوميًا، كما يتم في تلك الغرفة تنفيذ الأنشطة الترفيهية والتعليمية المختلفة، .
أما على مستوى الأقسام، فوجدتها كما هي موصوفة أعلاه، يتم فيها تنفيذ العلاجات المختلفة، على أكمل وجه، وتختتم تلك العلاجات بالعلاج الترفيهي الذي يُخرج المقيمين من حالة الملل والكآبة، إلى عالم الأمل والتفاؤل. كما قابلت الأمهات اللاتي يتلقين الدعم الاجتماعي والنفسي من قبل موظفين مؤهلين، على أعلى المستويات؛ طبيًا و/أو اجتماعيًا. ولعل الصورة الجميلة التي يصعب نسيانها أولئك الطلبة القادمون من الجامعات المحلية للتدرب في مؤسسة الأميرة بسمة، لكي يمسكوا بناصية الخبرات التي يسعون إلى امتلاكها؛ لممارستها في المؤسسات الوسطية المذكورة أعلاه، أو عند توظيفهم في المؤسسات الشبيهة داخل الوطن وخارجه.
وأما الصورة الأكثر إشراقًا، فتتمثل بالمعالِجات وهن يقمن بعملهن، بمنتهى الصبر الأناة، بعملية مزدوجة؛ علاج الطفل وتدريب أمه. كما أن هناك ما يشيع الأمل في النفس في قسم التوحد الذي يضم ستة أطفال فقط، يقوم على خدمتهم ومتابعتهم مجموعة موظفات متخصصات، بقيادة السيدة "رانيا عبده" التي أكدت على طبيعة المهمة التي تقوم بها، هي وزميلاتها، والهادفة إلى متابعة الطفل، بشكل فردي، حتى الوصول به إلى الصف المدمج، والتي بعدها ينطلق في حياته الطبيعية؛ كفرد منتج في أسرته ومجتمعه.
وفي الورشة وجدت خليطًا من ذوي الإعاقة الذين يعملون، معًا، في تصنيع الأثاث والمصنوعات الأخرى الجميلة التي يمكن لكل أسرة أن تقتنيها وهي تزهو بها كصناعة وطنية محلية، من تصميم وتنفيذ ذوي الإعاقة الذي حولوا آلامهم وعذاباتهم إلى أمل يبثونه فينا؛ كلما نظرنا إلى إنتاجهم الرائع.
مسك الختام، يتمثل في المدرسة التي حضرت فيها حصة للغة الإنجليزية لمستوى الصف الرابع الأساسي، لأجد أن هناك أربع حالات من ذوي الإعاقة قد تم تحويلها إلى هذا الصف، وقد تواجدتْ معهم معلمتهم المتخصصة لمتابعة احتياجاتهم، إلى جانب معلمة الصف. وعندما دار النقاش، وجدت أن من تلك الحالات الأربع من هو بمستوى متفوق عند تفاعله مع المعلمة وإجابته على العديد من الأسئلة، وهو يتنافس مع زملائه الآخرين، بمنتهى المتعة والانسجام.
بهذا؛ نكون أمام مؤسسة حققت رسالتها وأهدافها بأن أحالت الألم إلى أمل، من خلال أناس آمنوا برسالتهم الإنسانية والوطنية اتجاه من حُرموا من نعمة أو أكثر من نِعَم الحياة التي وهبنا إياها خالقنا جل في عُلاه.
ويبقى القول، أليس من حق هذه المؤسسة المقدسية على صانعي القرار أن يلتفتوا إليها بعين الرعاية والاهتمام، كما فعلت مؤسسة التعاون مؤخرًا، من أجل تمكينها من القيام بالدور المنوط بها اتجاه المقدسيين بشكل خاص والفلسطينيين بشكل عام. 
فلسطين، بيت لحم، العبيدية، 01/05/2015م
انتهى


إرسال تعليق Blogger

 
Top