متحف بيت لحم:
بذرة شقت الصخر
عزيز العصا
نشر في مجلة شؤون فلسطينية، العدد (265)، خريف 2016 ص: 226-230
لا شك في أن الحديث عن بيت لحم يعني الحديث عن نحو أربعة آلاف عام من الحراك
الحضاري المتواصل؛ بلا انقطاع، رغم تبدل الأمم والحكام والقادة والجيوش التي مرت
على أرضها. أما الشرف الأساسي الذي حظيت به هذه الجغرافيا، فهي أن أرضها تشرفت
باحتضان السيد المسيح ووالدته مريم عليهما السلام؛ ففيها كانت بدايات الرسالة التي
حملها رسول المحبة والسلام إلى البشرية جمعاء.
كما أن بيت لحم جزء لا يتجزأ من الجغرافيا الفلسطينية، وتشكل امتدادًا
طبيعيًا للقدس التي هي أكثر مدينة على وجه الأرض شهدت صخبًا وصراعات، لدرجة أنه
يصعب الحديث عن القدس دون التطرق لـ "بيت لحم" التي تشكل الممر، ومحطات
التوقف لكل من غادر القدس أو اتجه إليها من جنوبها. وقد لوحظ ذلك، عندما قام
الساعون إلى تهويد القدس، بالانقضاض على بيت لحم مركّزين على خاصرتيها: الشمالية؛
من خلال التهويد بالقوة للمنطقة الحدودية بين القدس والبيت لحم، والجنوبية؛ من
خلال المحاولات الجادة والمستميتة من أجل تهويد جنوب بلدة أرطاس.
لذلك؛ فإن الصراع الهوياتي على بيت لحم هو جزء رئيسي من الصراع القائم على
أرض القدس، الأمر الذي يتطلب اليقظة والحيطة، ومواجهة ذلك بوسائل وأساليب مختلفة،
منها التركيز على المشهد الثقافي للمدينة والمدن والقرى المرتبطة بها، باعتباره
بطاقة هوية حقيقية لماضي المنطقة وحاضرها ومستقبلها. وللمشهد الثقافي مكونات
عديدة، تختلف من بلد إلى آخر، ولعل المشترك بينها هو ما يتعلق بالمعالم الأثرية والعمرانية، والمكتبات والأرشيفات، المتاحف والآثار والأسواق، والتراث الشعبي والحكايات الشعبية والعادات والتقاليد، المسارح والسينما والفنون والموسيقى، الصحافة والإعلام، التأليف والترجمة والنشر، الحرف التقليدية، المنتديات والاتحادات الثقافية والأندية.
وإذا ما فهمنا أن المتحف هو المكان الذي يضم المنتجات الحضارية للبلد، عبر
المراحل التاريخية المختلفة، فإننا نجد أن الغالبية العظمى لمكونات المشهد الثقافي
يمكن الإشارة إليها، بشكل أو بآخر، لتكوّن المتحف بمعناه الإجرائي.
على هذه القاعدة، سوف نتطرق فيما يلي إلى واحد من المتاحف الذي يحمل اسم
"متحف بيت لحم". وقبل البدء في الحديث عن هذا المتحف، لا بد من شكر
السيدة "ريتا عكاوي حزبون"؛ التي سهلت مهمة إعداد هذه الورقة، منذ
اللحظة الأولى التي بدأت بالتخطيط لإنجازها. فقد قامت بتعريفي بالسيد "أنطوني
حبش"؛ مدير المتحف الذي فتح الباب على مصراعيه أمام الباحث، لكي ينهل من
المعلومات ما يكفي للخروج بورقة تشكل إضاءة حقيقية حول "متحف بيت لحم"
كمؤسسة ثقافية-معرفية، تفتح ذراعيها للباحث. وبالتالي؛ فإن المعلومات الواردة في
هذه الورقة مستقاة من خلال المقابلات والتواصل مع السيد "أنطوني حبش"[1]،
وأما المعلومات المستقاة من مصادر أخرى فسيتم الإشارة إليها.
نبذة تاريخية
لقد بدأت الفكرة من سيدات الاتحاد النسائي في بيت لحم, وهن أول من انتبه
إلى أهمية المحافظة على التراث الفلسطيني في بيت لحم. كما أشرن إلى حاجة المدينة
إلى مشاريع توثق للتاريخ بخاصة غير المكتوب. وفي العام 1977 بُدئ بإنشاء مركز
ثقافي يخاطب السياح، ويعرض للمنتجات اليدوية.
لما كان الاتحاد النسائي يملك قطعة أرض على شارع القدس-الخليل، مقابل فندق
الانتركونتيننتال، فشرع في العام 1981 بالحفر، فاكتُشف قناة رومانية تنقل المياه
للقدس من بئر العروب في الخليل، مبنية في الفترة 26-36م في عهد الحاكم الروماني بيلاطس. فقررت الهيئة الإدارية للاتحاد إنشاء
متحف فوق تلك القناة، بما يضمن الحفاظ على روح المكان, وأن يكون المتحف من الشعب
إلى الشعب.
من الفكرة إلى الواقع متحف بيت لحم ثلاثي الأضلاع
الآن تم تنفيذ تلك الأفكار، من خلال "متحف بيت لحم"، والذي يدار
بالشراكة بين كل من: مؤسسة الأراضي المقدسة المسيحية المسكونية في بيت لحم،
والاتحاد النسائي العربي ببيت لحم. وهو يحمل الهوية التاريخية والتراثية من خلال
عيون بيت لحم, ومن خلال معروضات المتحف ذات القيمة العالية تاريخياً، ومن خلال
القصة الكامنة خلف كل قطعة من تلك المعروضات، مهما صغرت؛ فالأهمية ليست في القطعة
التراثية بل في القصة التي خلفها.
يهدف القائمون على "متحف بيت لحم" إلى تحقيق هدف ثلاثي الأبعاد؛
يتمثل في التوثيق لحالة الترابط الكبير بين المكونات التالية:
أولًا: المحافظة على المسيحيين الفلسطينيين ومن انضم
إليهم من المسلمين بعد 6 قرون..
ثانيًا: المؤسسات التي كان لها الدور البارز في تماسك
المجتمع عبر التاريخ.
ثالثًا: الحجاج والنسّاك (الرهبان) الذين حافظوا على الوجود من خلال المؤسسات التي
بنوها، مثل: المعابد، والمدارس ورياض الأطفال... الخ، أي أنهم مرتبطون بالأرض والإنسان.
لذا؛ فإننا أمام إرث مسيحي-إسلامي، يحب المحافظة عليه من خلال حفظ
الموروثات والمقتنيات. وقد استغرق الأمر 2-3 سنوات حتى بدأت الأضلاع الثلاثة تلتئم
لتشكل الجسم المطلوب، حيث أخذ أفراد المجتمع المحلي يأْمَنون المتحف على أغراضهم،
ويودعونها فيه، مع توضيح القصة الكامنة خلف كل قطعة يودعونها، والتي هي قصة ذات
صلة بالحالة الإنسانية التي عانى منها الشعب الفلسطيني، عبر الحقب الزمانية
المختلفة.
وقد أخذ الضلع الأول دوره المنوط به، عندما وجد القائمون على المتحف
أن أثمن ما في الموضوع هو دعم المجتمع، عندما منح العديد من الأفراد والأسر
في بيت لحم ثقتهم للمتحف؛ عندما أخذوا يودِعون ما لديهم من قطع تراثية، توثق
للتاريخ وتشير إلى كبرياء مورّثيهم، وتعزز انتماءهم لأسرهم من خلال القطع التي
يرسلونها للمتحف.
ونجم عن هذا كله، حالة من التقدير المتبادل بين إدارة المتحف والمجتمع
المحلي، جعلت الكل يقدر أي منتج للمنتجات الفلسطينية-التلحمية عبر الألفي عام.
كما أن
المتحف يوثق لتلك المؤسسات التي حافظت على هوية الأرض عبر التاريخ، رغم الأحداث
الجسام والحروب، والأنظمة المختلفة والمتنوعة التي مرت على هذه الأرض.
أما بشأن الضلع الثاني فهو
معروضات المتحف في زاوية المغتربين، حيث يتم فيها عرض لشخصيات فلسطينية في
الاغتراب، كان لها دور كبير في عكس صورة الإنسان الفلسطيني المحب للحياة والإبداع
والسلام، حيث يتم من خلال هذه الزاوية عرض السيرة الذاتية لفلسطينيي الاغتراب من
خلال مشروع سمي باسم "عالم المفاجآت الفلسطينية" (www.palestiniansurprises.com)؛ وهو عبارة عن موقع إلكتروني يسلط الضوء
علي فلسطينيي الاغتراب، ويجمع التراثيات التي يرغبون بوضعها في المتحف. وتضم هذه
الزاوية، أيضاً، مجموعة من المراسلات والصور التي تنعكس على آلية التواصل بين
أبناء فلسطين في الوطن والمهجر.
كما يتم في زاوية المغتربين
التسليط على مشروع "اعرف تراثك"؛ والذي يهدف الي ربط الشباب الفلسطيني
في الغربة بجذوره الفلسطينية. ويشرف عليه مؤسسة الأراضي المقدسة المسيحية
المسكونية، وهي ذات المؤسسة التي تدير متحف بيت لحم.
وتكمن أهمية هذه الزاوية في أنها تروي قصة الاغتراب الفلسطيني في
إطار مختلف، وتسلط الضوء علي المشاريع التي تهدف إلي التواصل مع أبناء فلسطين في
المهجر. ويعتبر متحف بيت لحم متميزًا، في هذا الشأن، وصاحب الريادة في تعزيز أفق
التواصل والتعريف لفلسطينيي الاغتراب.
ومن الجدير ذكره أن زاوية "التراث الفلسطيني"
جميعها مقدمة من قبل مؤسسة التراث الفلسطيني، والتي تم تأسيسها من قبل السيدة حنان
منير وزوجها فرح منير؛ واللذين عملا علي الحفاظ علي التراث الفلسطيني في دول
الاغتراب، ويعتبران من أهم جامعي التراث الفلسطيني في العالم، ولولا دعمهما
وتقديمهما المجموعة لما تمكنّا من كسب ثقة آخرين للتبرع أو إعارة القطع للمتحف.
وهذا دلالة علو دور المغتربين الفلسطينيين في دعم متحف بيت لحم.
وقد تم تسمية زاوية المغتربين باسم الراحل "سعيد خوري"؛
وهو مغترب ولاجئ فلسطيني من صفد، واحد مؤسسي شركة اتحاد المقاولين العالمية، ولعب
دورا هاما في دعم الوجود والإنسان الفلسطيني، على المستويات المختلفة.
وأما بشأن الضلع الثالث، فقد تبين أن هناك حالة من التقدير اتجاه
الحجاج القادمين من الخارج؛ فمنهم من بني ومنهم من أسهم، بشكل أو بآخر، ومن
الأمثلة على ذلك: هناك مجموعة أثواب فلسطينية أرسلتها حاجة ألمانية، إذ أنها كانت
قد تلقتها على شكل هدايا من الفلسطينيين أثناء ترددها على بيت لحم. وعندما جاءت
اللحظة المناسبة، وجدت أنه من الضرورة إعادتها، لكي تودع في المتحف. أي أن
لهؤلاء الحجاج ارتباط بهذه الأرض، ومن
الضروري تشجيعهم على لعب هذا الدور. ولعله من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن هناك
قطعًا معدنية موجودة لدينا والآن اختفت من بلداتها.
ويبين الرابط التالي فيديو خاص بالمتحف من الداخل:
الخطة المستقبلية:
أولًا: توسيع الحالة الإبداعية الحالية.. وتعزيز المتحف في النفوس:
رغم أن ضيق المكان، الذي لا تتجاوز مساحته الـ (1,000) م2 من
الأرض، إلا أن هناك مشروعين يدران دخلاً للمتحف, نَجم عنهما توفر الخدمات التالية،
ذات الخصائص السياحية، والموجهة لخدمة المجتمع المحلي في ذات الوقت، وهي:
1)
المطعم: وقد أطلق عليه إسم "الكرمة"؛ وهي مشتقة من "كرم العنب"
باللغة العربية. وللكرم لها مكانة خاصة في الثقافة الفلسطينية: رمز الخصوبة والوفرة
والازدهار. إذ بعد الاكتشاف والتعلم عن الثقافة الفلسطينية، حان الوقت أخيرا لتذوق
الطعام الفلسطيني. وهو أفضل مكان لاستخلاص المعلومات عن تجربة المتحف، من خلال وجبة
تقليدية؛ كأنك في منزل فلسطيني. ومن يتناول وجبته في هذا المطعم، فإنه يدعم المتحف
من جانب، ويسهم في تخفيف آثار ارتفاع معدل البطالة في بيت لحم[2].
2)
الخان التلحمي: فالخان التلحمي يضم أصالة التسوق (منتوجات محلية)، مع
ضرورة استيعاب الحالات إبداعية؛ كأن يقوم احدهم بتصميم قطعة معينة، ويودعها في هذا
الخان الذي سيقوم بدوره بالترويج لها وبيعها للمهتمين. وهناك زوايا معينة قد تم
تخصيصها لتلك الإبداعات الفردية أو الجماعية.
بهذا يكون المتحف قد وفّر للسائح الاستمتاع باستخدام حواسه الخمس؛ يشم,
يذوق, يسمع, يلمس ويرى بأم عينه. كما أنه تم تخصيص زاوية خاصة للأشياء والأغراض التي
ينساها الحجاج في الأرض المقدسة، بخاصة ذات القيمة التاريخية والمعنوية. ومن
الأمثلة على ذلك، أن المتحف احتفظ بـ "إنجيل" فيه "شَعَر"
نسيه أحد الحجاج.
3)
المكتبة.
4)
قاعة اجتماعات.
5)
قاعة أنشطة.
لتحقيق حالة من الانفتاح على المجتمع المحلي، فإن المتحف فتح أبوابه
للأفراد والأسر، مقابل مبلغ استيفاء مبلغ رمزي مقداره (10) شواقل للفرد، وأما طلبة
المدارس القادمين ضمن وفود مدارسهم، فإن المتحف يستوفي (5) فقط عن كل طالب زائر.
ثانيًا: الذهاب إلى حيث الفلسطينيين حُرموا الوطن.. وجعل المتحف سفيرًا
لفلسطين في العالم:
يطمح القائمون على المتحف إلى جعله متجددًا ومحطة للجميع، حتى يصبح جزءًا
من الهوية الثقافية لكل فلسطيني؛ داخل الوطن وخارجه, بأن يتبرع له بما لديه من قطع
أثرية أو تراثية، وهو واثق من قدرة المتحف على صيانتها والمحافظة عليها. ويتطلب
ذلك التخطيط لتحقيق ما يلي:
1) تعزيز الشراكات
مع الأفراد والمؤسسات: لقد تم بناء المتحف بمساعدة خبرات وعقول أجنبية، بخاصة الأمريكان. إلا أن
القائمين على المتحف يخططون لتشكيل شبكة من المتطوعين، يعملون وفق مثلث متكامل من:
العقل, والقلب, والحركة. على أن يمتلك المتطوع عمقًا ثقافيًا كافيًا لأن يمكنه من
حمل رسالة المتحف وأهدافه وجعلها واقعًا على الأرض. فالمعلومة التي يخطئ فيها
المتحف، سوف تنعكس سلبًا على مسيرته، وتهز ثقة الزائرين فيه، كما أنها تصب فورًا
في صالح الرواية الإسرائيلية التي تسعى إلى "نفْيِنا" من التاريخ.
وهناك سعي جاد لتطوير شراكات مع الآخرين، كشركات السياحة، وشخصيات اعتبارية؛
كي يكونوا عرّابين للمتحف ومروجين له كما
أن هناك توجهًا لدى القائمين على المتحف بالتوجه إلى المعلمين وطلبة المدارس،
لقناعتهم بأن المعلم يحمل الرسالة والطفل يطبقها.
2) كذلك, هناك خطة
لفتح فروع للمتحف في الدول التي فيها مغتربين فلسطينيين، تحتم عليهم ظروفهم
عدم العودة إلى الوطن، فنجد أن من واجبنا أن نذهب إليهم؛ لتحقيق حالة من التواصل
والارتباط بينهم وبين وطنهم فلسطين. ففي السلفادور، هناك تصميم لمتحف، وهناك مدينة
في البوسنة هي (مديتوريا)
يصلها حوالي مليوني زائر سنوياً، أُرسل إليها من متحف بيت لحم مجموعة قطع تراثية، وفتحنا
هناك زاوية خاصة ليشعرون فيها وكأنهم يدخلون الأرض المقدسة. أي أنه من خلال متحف
بيت لحم تستطيع الوصول إلى عدة مجتمعات عالمية.
3) وأما بخصوص الحجاج،
فيلاحظ أن هناك امتعاضًا من حصر زيارتهم لبيت لحم بزيارة كنيسة المهد، الأمر الذي
يريح إسرائيل ويعزز روايتها الخاصة بها التي تستبعدنا كشعب صاحب حضارة على هذه
الأرض. وبالتالي، فإنه علينا تطوير أماكن في بيت لحم، إضافة إلى كنيسة المهد ليقوم
الحاج بزيارتها.
ويبقى النداء يصدح
... متحف بيت لحم هو مؤسسة من الشعب إلى الشعب، يسعى
لخدمة الرواية الوطنية الفلسطينية، وتثقيف وتوعية الفلسطينيين داخل الوطن وخارجه،
نحو تاريخ الآباء والأجداد، وتطوير المواهب وتعزيزها وتوفير المكان الملائم للقيام
بها وتنفيذها.
لأن الإبداع لا يتوقف, ولوجود مبدعين ورواد فكر غير
مكتشفين، فإن المتحف يفتح الآفاق المطلوبة لأن يقوم هؤلاء بتطوير أنفسهم عبر
المتحف الذي كل جزء فيه يحكي عن قصة إنسانية توثق لارتباط إنساننا الفلسطيني بأرضه
والتحامه بها، كما تروي تاريخًا يكاد يندثر إن لم يجد من يحفظه.
ونحن من جانبا، نضم صوتنا إلى صوت القائمين على المتحف، لكي نصدح معًا، على
أمل أن يسمعنا صانعو القرار، فيمدوا يد الدعم والإسناد والتسهيل، من أجل تطوير هذا
المتحف لتحقيق رسالته الوطنية وأهدافه ذات المغزى الوطني البحت. وفي هذا الجانب،
يطالب القائمون على "متحف بيت لحم"، بضرورة توفير أماكن في الدول
المختلفة، أو في السفارات الفلسطينية في تلك الدول، يتم فيها عرض القطع التراثية؛
بهدف إعادة ربط الإنسان الفلسطيني، في تلك الدول، بتاريخه.
فلسطين، بيت لحم، العبيدية، 18 تشرين أول، 2015م
إرسال تعليق Blogger Facebook