0

 

د. منى اللبودي في كتابها "لعبة الملوك: عبقرية أم جنون؟!"

تسبر غور لعبة "الشطرنج" وأثرها على مناحي الحياة!!

بقلم: عزيز العصا

رئيس الدائرة الثقافية في نادي الموظفين بالقدس

aziz.alassa@yahoo.com

http://alassaaziz.blogspot.com/

"د. منى عبد الله اللبودي"؛ خبيرة في لعبة الشطرنج على الصعيد الفني، واول حكم دولي مصري وأفريقي، مدربة اتحاد دولي. صدر لها كتاب "لعبة الملوك: عبقرية أم جنون"، يقع في (349) صفحة من القطع الكبير، يتألف من (13) فصلًا، تتوزع على أربعة أبواب.

جاء الباب الأول بعنوان "من أساطير الشطرنج إلى عصر التكنولوجيا"، ناقشت فيه الباحثة لعبة الشطرنج عبر العصور، بدءًا من الأساطير حول هذه اللعبة، حتى تحولها إلى واحدة من أهم الأمثلة على الذكاء الصناعي. إذ تبيّن أن هذه اللعبة قديمة، وهناك من يعيد نشأتها إلى القرنين السابع والثامن الميلاديين. ولكل حضارة من الحضارات الشرقية أساطيرها حول الشطرنج، فهناك الأساطير الهندية، والصينية، والفارسية، حتى الحضارة العربية الإسلامية، وبعد فتح الأندلس انتشرت الشطرنج القديم في إسبانيا، ومنه إلى أوروبا حيث لعبة الملوك أمثال نابليون (الكتاب، ص: 11-31).

وخصصت الباحثة "اللبودي" فصلًا لتطور نظريات الشطرنج، كاستراتيجيات اللعبة وقواعدها وقوانينها، وتطور أشكالها، للمبصرين وللمكفوفين. وهناك الشطرنج تحت الماء والشطرنج عبر الفضاء (الكتاب، ص: 34-51).

وتوقفت الباحثة عند "الشطرنج والذكاء الصناعي"؛ أي دخول الشطرنج في عالم التكنولوجيا والبرمجيات، وتسلسلت في هذا المجال تاريخيًّا، بدءًا بعام 1970م، عندما أقيمت بطولة أمريكا الشمالية للشطرنج الحاسوبية، وما تبع ذلك من تطور، وصولًا إلى اختراع آلات تلعب الشطرنج، والحواسيب الشطرنجية، واختراع برامج كمبيوتر للشطرنج (الكتاب، ص: 52-66).


وجاء الباب الثاني، وهو أكبر أبواب الكتاب حجمًا -يشكل نحو 40% من حجم الكتاب- لاستعراض آراء العلماء والباحثين والمختصين حول "أثر الشطرنج على الدماغ والصحة النفسية"، في ثلاثة فصول، تبيّن منها أن للشطرنج تأثير على أنواع عديد من   الذكاءات كرياضة ذهنية تفيد الدماغ، منها (الكتاب، ص: 78-92).:

1)  الذكاء اللغوي؛ ويعني الشغف بالقراءة، وسرعة الحفظ، وسرعة البديهة والجواب الشافي بألفاظ فصيحة وأسلوب جلي، ويروقه حل الألغاز.

2)  الذكاء المنطقي؛ ويعني الذكاء الرياضي أو الرقمي، و هو القدرة على استخدام الاستنتاج والاستقراء في حل المشكلات الحياتية.

3)  الذكاء الاجتماعي (التفاعلي)؛ ويعني القدرة على التفاعل مع الآخرين، والتصرف بحكمة في جميع المواقف.

4)  الذكاء البصري؛ وهو الذكاء المكاني أو الفراغي، ومن صفات صاحبه تميزه بالخيال الواسع، والقدرة على تذكر الأمكنة والاتجاهات بكل سهولة.

5)  الذكاء الذاتي (الشخصي أو الداخلي)؛ وهو أعلى أنواع الذكاء، حيث يستطيع الفرد فهم خفايا نفسه وأفكاره، ويدرك الفرد نقاط الضعف والقوة، ويعمل على تطويرها، وصولًا إلى التمتع بصفات القيادة والشخصية الاستقلالية وقوة الإرادة.

وهناك ذكاءات أخرى يؤثر فيها الشطرنج إيجابيًّا، هي: الذكاء الحركي، والذكاء الموسيقي، والذكاء الطبيعي.

تناقش الباحثة في هذا الباب –الثاني- فوائد الشطرنج، فهو يزيد من قدرات يرفع معدله، ويقوم بتمرين جانبي للدماغ، ويحسّن الذاكرة، ويزيد من مهارات حل المشكلات، ويحسّن التركيز... الخ (الكتاب، ص: 93-108).

وبشأن علاقة الشطرنج بعلم النفس، نجد أنه يزيد الثقة بالنفس، ويساعد على سعة الصدر والحلم والصبر، وعلى معرفة نفسية الخصم، ويحد من التوتر، ويساعد على تجنب نوبات الخوف. لحد أن الشطرنج يستخدم في بعض العلاجات النفسية والصحية، وفي علاج الزهايمر، ويساعد في علاج الفصام، وفي علاج الضغط  (الكتاب، ص: 112-129).

                  صورة مقال د. منى اللبودي في كتابها لعبة الملوك في صحيفة القدس بتاريخ 01 12 2022 ص11


وتتطرق الباحثة في هذا الباب إلى عنوان الكتاب، حول علاقة الشطرنج بالعبقرية والجنون. باعتبار أن العبقرية هي تمتع الشخص بقدر كبير جدًّا من الذكاء، وله القدرة على الإبداع والتفكير في تحقيق أهداف لم تُستكشف من قبل في أي مجال (وهي صفات تتوفر لشخص واحد من بين كل ستة ملايين شخص).   والعبقرية صناعة يمكن إيجادها في أي شخص عن طريق تطوير مهاراته واستغلال قدراته وتدريبه تدريبا مكثفا ليصل للعبقرية الاحترافية (الكتاب، ص: 130-134).

أما الجنون فهو مصطلح أدبيّ روائي، يطلق على من يفكر خارج الصندوق، لكنه أبدًا ليس المختل عقليًّا أو المخبول. وتدخل الباحثة في نقاش مطوّل حول الجنون ومفهومه، مع التركيز على مصطلح "الصحة النفسية"؛ التي ليست كاملة عند بني البشر. وقد يكون الشطرنج بمثابة محفز؛ لأنه يضع ضغطًا هائلًا على الجهاز العصبي. وتستعرض الباحثة أسماء عدد من عباقرة الشطرنج، الذين هم أصحاء، ولم يؤدِّ بهم الشطرنج إلى الجنون (الكتاب، ص: 134-151).

واما الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى الجنون، فمنها: قضاء الكثير من الوقت في التفكير المتعمق، الحسابات الكثيرة والمتفرعة، التحدث مع النفس أثناء وجوده على الرقعة، لعب الشطرنج معصوب العينين مع نفسه، حفظ الكثير من الافتتاحيات، الاندماج والانعزال عن العالم الحقيقي، خسارة مباراة الشطرنج قد تدفع البعض للجنون، تعقيدات اللعبة يمكن أن تجعله مجنونا، المربعات المتناوبة للرقعة يمكن أن تكون بمثابة تنويم مغناطيسي. ووفق ذلك، ولأسباب أخرى، هناك من عباقرة الشطرنج من أصيب بالجنون. وتختم الباحثة بالقول: "الشطرنج لا يدفع إلى الجنون، في الواقع إنه يبقي المجانين عقلاء" (الكتاب، ص: 154-164).

وبشأن أهمية الشطرنج في التعليم، فإنه ينطلق مما تم ذكره أعلاه من فوائد وتأثيرات، ونضيف أهمية تدريس لعبة الشطرنج كواحد من دروس الرياضيات. وكذلك الفوائد الاجتماعية للشطرنج، التي تم إلى التطرق إليها من حيث: ضبط النفس، وتكوين صداقات، واحترام الذات، والقدرة على صنع القرار. وإذا ما خصصنا تأثير الشطرنج على الأطفال، نجد أن الباحثة ترى بأن لعبة الشطرنج تساعد على تنمية ذكاء الطفل، وتحسن مهارات التفكير وحل المشكلات لديه، وتساعدهم على إبداعهم وتفوقهم الدراسي، كما تساعدهم على التفاعل الاجتماعي، وعلى التركيز والثقة بالنفس (الكتاب، ص: 174-192).

وتستعرض الباحثة أثر الشطرنج على المهارات الأخرى للفرد، فنجد أن الشطرنج يؤدي إلى مهارات تخطيط أفضل؛ إذ أن المهارة المكتسبة من الشطرنج تؤدي إلى الذكاء، وإن الوقت المستغرق في تعلم مهارة الشطرنج له علاقة في عملية نقل المهارات الأخرى للفرد نفسه، كما أن مهارة الشطرنج تكسب اللاعب سيكولوجية تسهم في تطوير المهارات الأخرى، كما أن لاعبي الشطرنج يتمتعون بمهارات معرفية خاصة؛ لأن لاعبي الشطرنج أكثر ذكاء من عامة الناس، وإنهم يمتلكون مهارة بصرية مكانية تساعدهم في تطوير القدرات البصرية المكانية. وعليه، فإن "الأشخاص الأكثر ذكاءً يختارون نشاطًا فكريًّا كالشطرنج ليتفوقوا فيه" (الكتاب، ص: 193-208).

جاء الباب الثالث بعنوان "أثر الشطرنج على العلوم والمهن المختلفة"، ناقشت فيه الباحثة، على مدى أربعة فصول، أثر لعبة الشطرنج على العلوم والمهن والرياضة البدنية، وعلاقتها بكبار الشخصيات. فتبيّن أن هناك علاقة متبادلة بين الرياضيات والشطرنج؛ إذ أن كلا منهما يسهم في تطور الآخر. وهناك علاقة بين الشطرنج وعلم ميكانيكا الكم، حتى أن هناك نوع جديد من الشطرنج هو "الشطرنج الكمية"؛ إذ أنه بواسطة النقلة الكمية تستطيع اختيار مربع هدف على اللوحة لتصل إليه سريعًا،  مقارنة بقدرتك على الوصول إليه بنقلتين من الشطرنج المألوف وقد أقيمت أول بطولة في الشطرنج الكمي في 09/12/2020. كما أن هناك علاقة للشطرنج باللغة كما وصفنا أعلاه (الكتاب، ص: 210-224).

وللشطرنج تأثير في المهن المختلفة، كالمحاماة، من حيث الصرامة، وتحديد القضايا، وتطبيق القواعد والمبادئ، والتنافس. وفي الأعمال التجارية؛ فالسوق يتمثل في رقعة الشطرنج، الذي لا يجب أن يسبقك أحد عليه، ويتطلب الأمر منك المبادرة بالهجوم (الكتاب، ص: 226-238).

وللشطرنج دور في تطوير المهن الحربية والسياسية، والشطرنج بطبيعتها لعبة ديمقراطية؛ للاعب كامل الحرية في أن يلعب النقلة التي يراها. وهذا ما جعل للشطرنج دورًا في حياة الزعماء والسياسيين، وهناك عديد من قادة العالم مارسوا هذه اللعبة، منهم: صلاح الدين الأيوبي، وهتلر، وتشرشل، وكاسترو، وجيفارا، والملك فاروق، وجمال عبد الناصر، ونابليون، ولينين، ومن الفنانين والأدباء: شكسبير، وغابرييل غارسيا وغيرهما (الكتاب، ص: 239-260).

وبشأن علاقة الشطرنج بالرياضات البدنية الأخرى، فإن له علاقة بكرة القدم، لا سيما اللعب التموضعي. وله علاقة بالملاكمة، حتى نشأت رياضة هجينة، تم فيها الجمع بين لعبة الشطرنج التي تحتاج إلى قوة عقلية وصفاءً ذهنيًّا، ولعبة المكالمة التي تحتاج إلى قوة بدنية وعضلات جبّارة وتحمل للألم، فاخترعت لعبة "ملاكمة الشطرنج"، وتم تنظيم أول مباراة لها سنة 2003، تتألف من (11) جولة: 6 جولات شطرنج، و5 جولات ملاكمة، ومن يفوز فيها يكون "أذكى وأقوى رجل على وجه الأرض". وهناك نادي الشطرنج والملاكمة في برلين، يضم (100) عضو، من بينهم سيدات (الكتاب، ص: 261-275). 

وأما الباب الرابع والأخير، فقد جاء بعنوان "الشطرنج والحياة"، وهو يبدو كتصفية لدور الفلسفة والمفاهيم الشطرنجية في حياة الفرد. فهناك من يرى بأن فلسفة الشطرنج تقوم على وضع الإنسان في أسمى حالات التأمل، عندما يقوم اللاعب بإجراء أكثر من (500) عملية حسابية معقّدة في جو من الإثارة والتشويق خلال (4-5) ساعات أو يزيد. وهناك أوجه تشابه كبيرة بين فلسفة الشطرنج مع فلسفة الحياة، لا يتسع المجال لذكرها، لعلّ أهمها: يجب تفعيل البحث عن فرصة مختبئة في مكان ما، من خلال التفكير الجادّ والعصف الذهني، والحياة هي نوع من الشطرنج: صراع، ومنافسة، وأحداث جيدة وأخرى سيئة، وإن حركة واحدة غير محسوبة تقلب حياتك رأسًا على عقب (الكتاب، ص: 279-289).

وورد أيضًا أن هناك علاقة بين استراتيجيات الحياة وقوانينها بلعبة الشطرنج، منها: الالتزام بالقوانين، والاستفادة من أخطاء الآخرين، والقراءة في سِيَرِ الآخرين، وبعض العزلة الفكرية، وأن الارتقاء ليس حكرًا على أحد، وأن الأيدي المرتعشة تفضح المرء، وأن الهروب فنّ، وعليك أن تغير ما ألِفته، وألا تنخدع بهالة خصمك وحركاته. ومن حيث السلوك: احرص على ما تملكه، وثق بغرائزك، واصبر عندما تواجه مشكلة ما، وركّز في عملك، وخطط جيدًا للخطوة التالية، مع ضرورة أن تتعلم من فشلك وفشل الآخرين (الكتاب، ص: 289-299).

وفي النهاية يوضع (الجميع) في صندوق واحد؛ لا فرق بين جندي أو وزير أو ملك. وهذه هي الحياة!     


النقاش والخاتمة

قامت الباحثة –اللبودي- في هذا الكتاب بسبر غور لعبة الشطرنج، والتسلسل فيها تاريخيًّا، حيث أن كل أمة من الأمم والحضارات القديمة تدّعي الأحقية في ابتكار هذه اللعبة وممارستها مبكّرًا وتطويرها، حتى وصلت لحد ابتداع الأساطير والخرافات حول صلة عديد من الشخصيات التاريخية بهذه اللعبة العقلية.

وتتبعت الباحثة التطورات التي طرأت على أنواع لعبة الشطرنج وأشكالها وطرائق ممارستها، بتطور الزمن، وتطور التكنولوجيا، فدخلت فيها الآلة والرقمنة، وأصبحت لعبة من ألعاب الأرض والفضاء. وفي ذلك كله، يتنافس الإنسان مع الإنسان، أو الإنسان يتحدى الآلة، التي طوّرها الإنسان بعقله الجبّار. وتبيّن من خلال القراءة المتمعنة لهذا الكتاب، أن الشطرنج لعبة تحتاج إلى قوة عقلية وصفاء النفس، كما أن الملاكمة تحتاج إلى قوة عضلية وبدنيّة.

وتمكنت الباحثة –اللبودي- من تقديم استعراض علميّ رصين لعلاقة لعبة الشطرنج بكل من العبقرية والجنون، لتجعل القارئ يرى في هذه اللعبة كشّاف عن مكنونات لعبقريات وعباقرة، ويبرئ هذه اللعبة، إذا ما مورست بتوازن ووفق قواعد تحفظ الصحة النفسية وتحافظ عليها، من أن تكون سببًا في الجنون؛ إذ أن الجنون هو الإفراط في استخدام هذه اللعبة أو أن الجنون ناجم عن مرض عقليّ لأسباب جينيّة أو سلوكية.    

 ويتضح من هذا الكتاب أن الشطرنج لعبة ضرورية لجميع شرائح المجتمع من الجنسيْن، للمبصرين وللمكفوفين، وللأصحاء والمعاقين بدنيًّا، لا سيما الأطفال، أي من هم في عمر التمدرس من أبناء المجتمع، وذلك لما لهذه اللعبة من فوائد جمّة، تم استعراضها من قبل الباحثة، في مجالات تنمية العمليات العقلية والذهنية وتطويرهما، وفي المجالات الاجتماعية، من حيث تنمية العلاقات الاجتماعية وتطويرها بما يساعد على التماسك الاجتماعي ومكافحة التمييز، وأهمية هذه اللعبة في الصحة النفسية، تطوير المهارات الفردية والجماعية، وتطوير أصحب المهن وأصحاب التخصصات المختلفة من لاعبي الشطرنج.

يأتي هذا الكتاب في الوقت الذي نحن بأمس الحالة للتعريف بلعبة الشطرنج، والتشجيع عليها، ليشكل إضافة نوعية للمكتبة الشطرنجية العربية حول هذه اللعبة العالمية.

ويسعدني أن أقتبس ما يقوله معالي الأستاذ سعود بن عبد العزيز المعلا رئيس الاتحاد العربي للشطرنج في هذا الكتاب بأنه "خلاصة لتجربة شطرنجية فريدة وطويله بدولة، الامارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية حيث حاولت المؤلفة –د. منى اللبودي- إمداد المكتبة العربية بأفكارها وتجربتها، بجانب استعانتها بالتجارب والدراسات العالمية التي تثري الكتاب، والتي تعتبر تجربة صادقة واضافة جديدة للمكتبة الشطرنجية العربية".

لا شك في أن التشجيع والاسناد الذي تلقته الباحثة من قبل الاتحاد العربي للشطرنج، يعدّ دافعًا لها ولغيرها من الباحثين على المزيد من العطاء والبذل من أجل الكتابة عن هذه اللعبة المهمّة، والبحث في تطويرها، من أجل توطينها كلعبة مألوفة للفرد والأسرة والمجتمع، بمستوى لا يقل عن الألعاب الأخرى كلعبة كرة القدم وغيرها من الألعاب التي تجمع بين الاهتمام المجتمعي-الشعبي والاهتمام الرسمي من قبل الدولة؛ مما يجعل الدولة و/أو للأمة تتمتع بحضور دوليّ عند التنافس وتحقيق الفوز في هذه اللعبة التي يمارسها ما يزيد عن (700) مليون لاعب على مستوى العالم!  

فلسطين، بيت لحم، العبيدية، 14-17/11/2022م

 

إرسال تعليق Blogger

 
Top