0


في يوبيلها الذهبي:
مؤسسة الأميرة بسمة للأطفال ذوي الإعاقة في القدس
 تنقلنا من الألم إلى الأمل...
-الحلقة الثالثة-
مؤسسة الأميرة بسمة:

العمل التنسيقي و/أو التكاملي مع الآخرين.. وللنجاح فرحته

قرأت في عيون مسؤولي المركز الذين قابلتهم، الفرحة والسرور لنجاحهم في استراتيجية، خططوا لها جيدًا، وهي تلك القائمة على إنشاء أكثر من جسم مكون من المؤسسات الشبيهة أو ذات الأهداف القريبة من أهدافهم الاستراتيجية، وهي:
أولًا: شبكة مستشفيات القدس الشرقية، التي تأسست عام 1997، بعد جهود مضنية بذلها د. وضاح ملحيس، والسيدة "بيتي مجج"؛ مديرة المؤسسة في حينه، وقد جرى ذلك تحت قيادة وتوجيه المرحوم فيصل الحسيني، بهدف توحيد المرافق الصحية في القدس الشرقية وتعزيز دورهم المفصلي في النظام الصحي الفلسطيني. هذه المرافق التي يقول عنها رئيس مكتب منظمة الصحة العالمية، السيد طوني لورنس: "إن مستشفيات القدس الشرقية تواجه تحديات غير مسبوقة". هكذا، تأتي الحاجة للتنسيق فيما بين تلك المرافق، بحيث تتكامل في تقديم خدماتها للمرضى.
تتألف هذه الشبكة من المراكز والمستشفيات التالية: مركز الأميرة بسمة للتأهيل، ومستشفى أوغستا فيكتوريا، ومستشفى المقاصد، ومستشفى سان جون للعيون، ومستشفى سان جوزيف، ومستشفى جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني. وتتكون الهيئة الإدارية الحالية لهذه الشبكة من: عبد القادر فيصل الحسيني/ رئيسًا، د. عبد الله صبري/ مستشفى الهلال الأحمر نائبًا للرئيس، د. توفيق ناصر/ مدير مستشفى المطلع/ أمينًا للسر، د. وضاح ملحيس/ مؤسسة الأميرة بسمة/ أمينًا للصندوق. وكانت الحرب على غزة خير ميدانٍ تم فيه تنفيذ فكرة الشبكة؛ عندما أخذت المستشفيات دورها بشكل تكاملي، على شكل هبّة "أخ لأخ"، دون أي تغطية لكلفة الخدمات التطبيبية والعلاجية من قِبل السلطة الوطنية الفلسطينية.
ثانيًا: "المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة"، الذي تم تشكيله بقرار رئاسي، ويضم عددا من الوزارت، والمؤسسات ذات العلاقة، والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عضواً مراقباً.
للنجاح فرحته.. قصة معتز مراغة نموذجًا
معتز عارف مراغة؛ طالب في جامعة القدس سنة رابعة، وهو مقدسي الولادة والنشأة، وهو من ذوي الإعاقة (كفيف)، ولإعاقته هذه قصة، ملخصها: كان، منذ ولادته، يعاني من ضعف نظر، ولكنه كان يرى ويتعلم، كباقي زملائه، في مدرسة عادية (الايتام). وبمرور الزمن أصبح نظره يضعف شيئًا فشيئًا حتى فقد نظره؛ وأصبح كفيفًا، مما اضطره إلى تعلم لغة "البرايل" الخاصة بالمكفوفين ويتهيأ لوضعه الجديد.
ثم دخل إلى مدرسة متخصصة (هيلن كيلر) وهنا قام بتعلم الكتابة والقراءة بطريقة برايل، وأنهى  فيها تعليمه للمرحلة الأساسية الدنيا. وعندما كان لا بد من التكيف مع المجتمع، كان لا بد وأن يخرج إلى العالم الخارجي ويندمج في المجتمع المحيط, فانتقل إلى مدرسة الأميرة بسمة، وكان رافضا لهذا القرار, إلا أنه أجبر عليه؛ لكي يستمر في حياته، فانتسب إليها وهو في الصف السابع، وكان الوحيد من ذوي الإعاقة البصرية داخل الصف، ولم يوجد من يسانده من الفئة التي ينتمي إليها, فجاء احد الأساتذة، وشجعه بأن أستمر، قائلًا: جميعنا نقف معك.
حينها، قرر مواجهة جميع الصعوبات؛ كمتابعة المدرسين داخل الصف، والحركة داخل المدرسة والمطالبة بحقوقه، والاعتماد على نفسه بشكل كبير. وأخذ يتقدم في الصفوف، من السابع حتى التوجيهي، وكانت تلك مرحلة الانطلاق للعالم الأكثر تعقيدا والأصعب في حياته. فدخل صف التوجيهي وهو مندمج، بشكل كبير، مع المدرسين والطلاب، فكان الأمر سهلًا بالنسبة له، والبيئة مهيئة له بشكل جيد. نجح في الثانوية العامة، وتخرج من المدرسة، وكان الأول على صفه الأدبي.
ويستمر "مراغة" في التحدث عن تجربته تلك، قائلًا: أود الإشارة إلى أنني كنت أتمتع بثقة كبيرة بنفسي، وأنا في مدرسة الأميرة بسمة؛ ويرجع الفضل في ذلك إلى أساتذتي: يوسف، وأيمن، ووسيم وجميل، وآمال، مع الاحترام لجميع المدرسين.
هكذا؛ أنهيت دراستي الثانوية وانتقلت إلى مرحلة التعليم الجامعي في جامعة بيت لحم/ تخصص خدمة اجتماعية، حيث أصبحت أتنقل لوحدي؛ دون الاعتماد على مرافق. فواجهت صعوبة في حفظ الطرق، ومشكلة تقبل الآخرين لي، وسماعي كلمات موجعة، ولكنني استمريت في ذلك، لمدة سنتين، ثم اضطررت لمغادرة تلك الجامعة لشعوري بعدم تقبلي كطالب يعاني من إعاقة بصرية في هذا التخصص. إلا أن ذلك زادني قوة وإصرارًا على إعادة المحاولة؛ فقمت بالتسجيل مرة أخرى في جامعة القدس وإعادة دراسة التخصص مرة أخرى.
لقد أنشأت علاقات مع أشخاص من ذوي الإعاقات المندمجين في المجتمع، كالإعاقة الحركية والسمعية والبصرية الذين لديهم القدرة على الاعتماد على أنفسهم في المجتمع. ونظرًا لأنه يوجد بيننا أشخاص مهنيين وأكاديميين، فقد أنشأنا جمعية مستقلة في شرقي القدس، تسعى إلى توفير حياة كريمة لذوي الإعاقة، ومُنحنا التراخيص اللازمة للقيام ببرامج الجمعية، ووضعنا أهدافنا الخاصة بنا، وهي: الحصول على جميع حقوقنا في مختلف المجالات كالتعليم والعمل والتنقل، والمطالبة بحقوقنا القائمة على إيجاد مواءمات خاصة بنا في الواقع العام؛ لنتمكن من استخدامها بشكل سهل، ودعم ذوي الإعاقة داخل المدارس، وذلك لكي لا نتركهم يواجهون نفس المشكلات والصعوبات التي واجهناها، ومساعدتهم على حل أي مشكلة تعترضهم، وتزويدهم بخبراتنا المختلفة المتعلقة بكيفية الاندماج في المجتمع.
بالرغم من مرور أقل من سنتين على إنشاء جمعيتنا، وبالرغم من عدم توفر جهة داعمة لنا، ماديا ومعنويا، إلا أننا أنجزنا بعض الفعاليات كإنشاء ورشات عمل ومناسبات اجتماعية لدى الأطفال ذوي الإعاقة في بعض المناسبات مثل الأعياد, كما تمكنا من إقناع المجتمع بقدراتنا وقبول الدكتور عكرمة صبري برئاسة الجمعية، وتبع ذلك أنه تم ترشيحنا لاستلام المكتبة الأهلية للمكفوفين في شعفاط وإعادة إحيائها، بعد أن كانت مغلقة لعدة سنوات، مما جعلنا نحدد هدفًا مستقبليًا بزيادة الثقافة لذوي الإعاقة، ورفع مستواهم وتمكينهم وتوعيتهم من خلال دورات تعليمية ثقافية.
وينهي معتز مراغة وصفه لتجربته هذه بنداء يطالب فيه بالدعم المادي والمعنوي لتلك الجمعية، ويدعو صانعي القرار والمحسنين إلى مد يد العون؛ لكي يتمكن أعضاءها من إثبات أنفسهم، مؤكدين على أن  احترام الشخص ودعمه يكون باحترام عقله وقدراته وإمكاناته التي تحركها الإرادة نحو النهوض، وعدم الاستسلام للظروف التي تفرضها عليهم تلك الإعاقات.
.../ يُتبع بالحلقة الرابعة والأخيرة

إرسال تعليق Blogger

 
Top