1
في يوبيلها الذهبي:  
مؤسسة الأميرة بسمة للأطفال ذوي الإعاقة في القدس
 تنقلنا من الألم إلى الأمل...
-الحلقة الثانية-
مؤسسة الأميرة بسمة: متعددة الخدمات.. واسعة التأثير
نُشِرَ في صحيفة العاصمة المقدسية، بتاريخ: 27 أيار، 2015م، ص: 22، بحسب الرابط التالي:

لا شك في أن المرء يمتلئ بالغبطة والسرور عندما يجد في مجتمعه من يسهر والناس نيام، ولعل هذا الفرح يتسع ويمتد أثره، عندما تجد أن القدس الأسيرة ومؤسساتها، بفقرها وعوزها، هي التي أخذت على عاتقها سد حاجة الفلسطينيين من الخدمات المختلفة. وينطبق هذا الوصف على مؤسسة الأميرة بسمة التي تتكئ على أربعة أقسام تجعل منها، مجتمعة، مؤسسة قادرة على ترك الأثر الطيب في نفوس كل من يتعامل معها أو يعرف عنها. وإذا ما علمنا بأن هناك أكثر من (1,000) شخصٍ يتحركون، يوميا، في أقسامها المختلفة من الفلسطينيين؛ من المقدسيين وأولئك القادمين من الضفة وغزة، فإننا نستطيع، حينئذ، تقدير ذلك الأثر الذي تتركه هذه المؤسسة لدى المجتمع الفلسطيني. أما الأقسام الأربعة، التي تجتمع معًا تحت قبة هذه المؤسسة، فهي:
أولًا: قسم تأهيل الأطفال: يقوم بتأهيل حوالي (500) طفل سنويًا (ضفة وغزة)، القدس، والباقي من القادمين من الضفة الغربية وقطاع غزة. ومن بينهم، حوالي (50) حالة "شلل دماغي"، وحالات أخرى تعاني من: التوحد, التشوهات الخلقية, والبصرية والسمعية... الخ.

صف السمع في مركز الأميرة بسمة

ثانيًا: عيادة العلاج الطبيعي للبالغين: إذ يتم تنفيذ (8-12) جلسة لكل فرد يتم تحويله إلى هذه العيادة التي تنفرد بوجود علاج مائي.

الغرفة الحسية في مؤسسة الأميرة بسمة


ثالثًا: برنامج التعليم الدامج "روضة ومدرسة الأميرة بسمة المختلطة": وتضم المدرسة (600) طالبًا وطالبةً، نحو ثلثهم من ذوي  الإعاقة، وبكامل التجهيزات اللازمة لتقديم الخدمات "التعليمية والعلاجية" كافة.
رابعًا: الورشة المحمية: وهي ورشة التأهيل المهني للأشخاص ذوي الإعاقة من القدس   لبناء قدراتهم وتأهيليهم لينتهي بهم المطاف منتجًين وفاعلين في المجتمع ، وقادرين  على إعالة أسرة وبإمكان المعني بالأمر أن يرى بأم عينه تلك الإبداعات التي أنجزها ذوي الإعاقة وأنزلوها إلى السوق لينعم بها الجميع.

في الورشة المحمية: الكل يعمل بإتقان


مدرسة الأميرة بسمة الثانوية: صرح أكاديمي ونموذج للتعليم الدامج ومصدر إلهام للأشخاص ذوي الإعاقة
لقد اخترت هذا الوصف للمدرسة التابعة لمؤسسة الأميرة بسمة، لكي أشير إلى أنني أتحدث عن مدرسة نموذجية؛ تخوض غمار التعليم "الدامج أو الجامع" بمعناه الدقيق.
أما قصة العلاقة بهذه المدرسة والاطلاع على جوهرها المشرق، فقد جاءت ضمن برنامج البحث بين تفاصيل مؤسسة الأميرة بسمة، ولدى اجتماعي بمدير المدرسة/ الأستاذ "وسيم علي"، أخذ يشرح حول المدرسة وأوضاعها وتفاصيل الحياة اليومية فيها، والابتسامة لا تغادر وجهه؛ فقرأت من ذلك أن هذا المدير مملوء زهوًا وفخرًا بطلبته وموظفيه، الذين يشكلون مجتمعًا فريدًا قلما يتكرر في الوطن الفلسطيني.
فقد أفاد أن "التعليم الدامج" هو استراتيجية اتبعتها المؤسسة منذ زمن، وكانت أول من طرحها على مستوى الوطن الفلسطيني، وعندما أصبحت الفكرة مقبولة لدى صانعي القرار، كانت مؤسسة الأميرة بسمة هي المكان الذي طبقت فيه الفكرة عمليًا، كحالة تجريبية-استطلاعية (Pilot)، وانتهى الأمر بها وقد طبّقت هذه الاستراتيجية التربوية-التعليمية الرائدة؛ التي تخلق علاقة احترام وتقبّل متبادلة بين جميع طلبتها؛ عندما يعيشون تحت سقف واحد.
وعندما دخلتُ المدرسة وجدتُ فيها الكثير مما يجب أن يعرفه القارئ عنها؛ فهي تقوم، أساسًا، على "التعليم الدامج"،  بهدف  تحقيق النصوص القانونية الدولية لحقوق الأطفال.
منذ اللحظة الأولى لدخول المدرسة، تجد نفسك أمام حالات إبداعية، يتم من خلالها توظيف كل شئ لصالح العملية التعليمية، فجدول الضرب منتشر على الدرج الذي يستخدمه الطلبة طوال اليوم، صعودًا وهبوطًا، وفي كل مرة يجد الطالب نفسه في مواجهة تلك الأرقام والعلاقات فيما بينها. لتصل إلى الغرف الصفية التي تتكون من (16) صفًا، تتوزع على المستويات التالية: (4) صفوف بمستوى رياض الأطفال؛ بواقع شعبة مدمجة لكل من: البستان والتمهيدي، بالإضافة إلى شعبة التوحد، وشعبتي ذوي الإعاقة السمعية لتأهيلهم ودمجهم في المراحل الإبتدائية. أما الـ (12) صفًا الأخرى فتتوزع على المستويات: من الصف الأول حتى الثاني عشر تشمل صفوف صعوبات التعلم.
وبشأن الدمج بين الطلبة؛  أفاد مدير المدرسة  أنه بناءً على قناعة الفريق الطبي المشرف على الطالب، يتم تحوليه للتعليم العادي. وأن هناك طلبة من ذوي الإعاقة في كل صف وفي كل شعبة، تشمل: الإعاقات الحركية، والسمعية، والنطق. ويوجد في المرحلة الأساسية شعبتان، بمستوى الصفين الخامس والسادس الأساسيين، ممن يعانون من صعوبات تعلم، ومن يتقدم يتم دمجه في الصفوف مع الطلبة العاديين.
حيث هناك عملية متابعة، متواصلة بدون انقطاع، لكل طالب من ذوي الإعاقة على مستوى فردي، من قبل الأخصائيين التربويين والمعالجين؛ بهدف تمكينه ودمجه الكامل في المجتمع.. واستشهد "الأستاذ وسيم" على ذلك بدمج أطفال من ذوي "اضطرابات طيف التوحد" في رياض الأطفال بعد أن تم تأهيلهم.
خلاصة القول، تتجلى في هذه المدرسة صور التحدي والاستجابة لهذا التحدي؛ فجميع أعضاء الطاقم مدربين لاحتياجات ذوي الإعاقة، والمدرسة مجهزة، بالكامل، في مجال التنقل وسهولة الوصول والحركة لجميع الطلبة من جميع الإعاقات، ويوجد لكل طالب من ذوي الإعاقة خطة فردية منبثقة من الخطة السنوية، بحيث يتم تقدير التطور المعرفي للطالب، وتوفير جميع العلاجات: كالنطق والوظيفي والطبيعي. أضف إلى ذلك الخدمات الأخرى التي تقدم لجميع الطلبة، فردياً وجماعياً، كالخدمات الاجتماعية، والتمريضية، والصحية. 
كما أن الأنشطة التي تتم في المدرسة تخدم جميع الفئات من الطلبة. حيث أن الطالب السليم يتلقى التعليم الكامل؛ دون أي نقص يُذكر، وفق نظام أكاديمي خاص، منصف لجميع الطلبة؛ إذ أنه لكل طالب مواءمات خاصة به. وقد يصل الأمر لحد عقد الامتحان بثلاثة مستويات، في نفس الصف.
أما النتيجة النهائية لهذا كله، فتتلخص في أن هناك دمجًا أكاديميًا، أدى إلى تربية طالبٍ قادر على المطالبة بحقوقه، وأصبح قادرًا على التعبير عن نفسه، بروية وهدوء، في كل المواقف والظروف. كما أن كل فرد في هذه المدرسة يكتسب القدرة على ممارسة الديمقراطية في العلاقات، كما يكتسب مهارة اجتماعية في تقبل الآخر وخدمته، سواء كان صاحب إعاقة أم لا. ومما يلفت النظر أنه لا يوجد مشاكل سلوكية بين الطلاب، وأن عدد الطلبة المتسربين من المدرسة صفراً. علمًا بأنه تم تخريج خمسة أفواج من خريجي الثانوية العامة، منهم 14 طالبًا وطالبة من ذوي إعاقة توجهوا إلى جامعات فلسطينية وخارج الوطن.
.../ يُتبع بحلقتين؛ الثالثة والرابعة


إرسال تعليق Blogger

  1. الأشخاص.اعاقة.مسعدةالانسطة.ممكين.

    ردحذف

 
Top