بعد سبعين عامًا من النكبة:
المُعمّر المقدسي محمد جاد الله يفتح
"جراب الذاكرة":
يستذكر رفاق الدرب.. ويستحضر معركتي رمات راحيل
والمكبر
نُشر في صحيفة
القدس، بتاريخ: 15/05/2018م، ص: 14
عزيز العصا
هذا هو المعمّر "محمد محمود جاد الله" عندما مرّ أمام جنود الاحتلال في القدس في الجمعة الأولى بعد إجبار المقدسيين قوات الاحتلال على إزالة حواجزهم في شهر تموز من العام 2017 |
المقدمة
صورة جمعت الكاتب مع المعمّر أبو نهاد جاد الله في بيته بتاريخ: 31/01/2018 |
محمد محمود جاد الله "أبو نهاد جاد الله"؛ مواطن مقدسي، يحث الخطى نحو إغلاق قرنٍ كامل من الزمن من عمره؛ فتاريخ
ميلاده هو 17/05/1921م. لقد حظيت بعدة لقاءات معه منذ أوائل تموز من العام 2017،
فنشرت صحيفة القدس الغرّاء لي مقالًا في 06/08/2017 (ص: 16)، تطرقت فيه إلى طفولته
ومشاهدته لنسف فندق الملك داود في العام 1946، وتدريبه وقتاله إلى جانب الشهيد عبد
القادر الحسيني رحمه الله، مع الإشارة إلى نشاطه النقابي. في 31/01/2018، توجهت
إليه من الصباح الباكر، مجهّزًا نفسي للقاء هذا المعمّر المقدسيّ الذي لم أسجّل
عليه إلا الصدق والدقّة في المعلومات التي يمتلكها، ومن الطريف أنه عندما يصادف أن
يكرر حادثة ما، تجده يعيد سردها كما هي؛ دون زيادة أو نقصان –لا سيما وأنني أحتفظ
بلقاءاتنا موثقة صوتيًا، مما يعني أن كل ما يقوله "أبو نهاد" هو صحيح
ولا يقبل التأويل.
لأن الحديث "ذو شجون"، ولأن شجون "أبو
نهاد" مكثّفة في ماضٍ لا يمكنه أن يبرحه، مهما باعدته الأيام، ومهما طوى قطار
العمر من سنين، فإن حديث مُضيفي توزّع على حقبة زمنية تمتد بين قبيل بدء النكبة
التي تنهش من حياتنا ووجودنا على أرضنا منذ سبعين عامًا، وقبيل النكسة التي تحز
أعناقنا منذ نصف قرن
ونيّف من الزمن، وما جرى فيهما من أحداث عاشها وعايشها ورآها بأم عينه، والتي سوف نركّزها في المواضيع المتعلقة باستراتيجيات العمل وآليات التنفيذ قبل سبعين عامًا من الآن.
العسكري أبو نهاد جاد الله إبّان النكبة في العام 1948 |
جاد الله محمود الخطيب يقود صور باهر وينسق
مع نظرائه في المنطقة
يرى "أبو نهاد جاد
الله" في ابن عمومته "جاد الله محمود الخطيب" قياديًا
بارعًا في إدارة الأحداث. وهو من قيادات منطقة القدس، شارك في ثورة رشيد عالي
الكيلاني في العراق في العام 1941، ثم عاد إلى الوطن، فكان له مركز مهم في الهيئة
العربية العليا مع الحج أمين الحسيني. وفي أواخر العام 1947 تقرر تشكيل الجهاد
المقدس، فكان جاد الله الخطيب قائد السرية الرابعة/ الفوج الثالث من مناضلين وضباط،
وعدد أفرادها (105).
ولما كنت أنا و"علي" شقيق العم جاد الله قد
تدرّبنا في سوريا في العام 1947، وخرّجنا المرحوم عبد القادر الحسيني، وطلب منا أن
نتوجه إلى القدس لتدريب الشباب على ما تربنا عليه. فقد التحقنا بسريّة العم جاد
الله؛ كنت أنا ملازم أول وكان علي ملازم ثاني. فأصبحنا تحت قيادة جاد الله كمسؤول
للجهاد المقدس في صور باهر. فبدأنا نرتب أمورنا، ونعد أنفسنا انتظارًا لمغادرة
بريطانيا لفلسطين، وكان مقر القيادة عندنا في مدرسة صور باهر –المدرسة الوحيدة في
صور باهر في ذلك الحين-.
جاءت المفاجأة من اليهود بنسف مطحنة "محمد فيضي
النابلسي"، كما نسفوا بيتًا يعود للمواطن "عبد القادر بكيرات". وتم
ذلك في الوقت الذي لم يكن لدينا أي استعداد لملاقاة اليهود في معارك.
خندق لمواجهة المستعمرات.. ومتطوعون إخوانيون
الخندق الذي تم حفره بين صور بارهر ومار الياس في العام 1948، وهو من تصميم المعمر أبو نهاد جاد الله |
لقد كان لتلك الحادثة الدور في تنبيهنا إلى ضرورة إعداد
أنفسنا لمقابلة العدو قتاليًا، وكنا نأخذ جميع المعلومات من قائد السريّة
"جاد الله محمود الخطيب"، فشرعنا بعمل خندق من صور باهر حتى دير مار
الياس، يقابل خمس مستعمرات، هي: المستعمرة الزراعية (في المكبر)، مستعمرة الخربة
للجنود المسرحين، مستعمرة تلبيوت، مستعمرة أرنونة ومستعمرة رمات رحيل. وعند كل
مسافة معيّنة كان هناك "دشمة"، والدشمة هي "استحكام" يتسع لثلاثة
مقاتلين.
بعد ذلك وَصَلَنا إسناد من متطوعي الإخوان المسلمين من
مصر بقيادة الأزباشي "محمود عبده"، وعددهم (60) جنديًا، مرتبطين بالجيش
المصري والذي كان مسؤوله يسمى الضبع الأسود. كان محمود عبده على مستوى عسكري
متقدم، ويبدو أنه من ضباط الجيش المصري سابقًا. كما حضر (17) متطوعًا من إخوان
الاردن بقيادة (عبد اللطيف أبو قورة)، حضروا إلى بيت قائد السرية "جاد الله
محمود الخطيب" فأكرمهم بأن ذبح لهم عجلًا، وباتوا في بيته، على نيّة المشاركة
في المعركة في اليوم التالي.
معركة رمات راحيل: محاولات جادّة رغم قلّة
الحيلة
في اليوم التالي لوصول المتطوعين الأردنيين، نشبت معركة
مع مستعمرة رامات راحيل، شارك فيها من جانبنا مصفحة أردنية، كنت من المجموعة
الملاصقة لها من الخلف. فوجئنا بتراجع المصفحة، فقال قائدها: رصاص العدو يدخل إلى
المصفحة بكثافة، وبالفعل وصلت صلية رصاص إلى زميلي (محمد عبد الله عفانه) وإلى
جندي آخر من اليمن اسمه عبد القادر العربي، فهبطنا أنا والجندي اليمني إلى حفرة,
وبقينا فيها من العصر حتى أظلمت الدنيا, ثم خرجنا وبدأت أصرخ فتوقفت الرماية من
جانب العرب باتجاهنا, فعدت إلى البلد حيا أرزق، بعد أن شاع نبأ استشهادي. وفي
اليوم الثاني شاركت في هجوم مضاد آخر على نفس المستعمرة, وأنا مدجج بالسلاح
والقنابل.
من جانب آخر، كنا نجد أنفسنا أمام مسؤولية متقدمة اتجاه
القرى والمدن الأخرى، مثل: ام طوبا، وبيت ساحور، والتعامرة، والعبيدية. فكان العم
جاد الله في حالة تنسيق دائم مع قادة المناطق المجاورة للقدس، وهم: أحمد السالم
الحمري عن التعامرة، وعبد الحليم الشلف من الخليل، وعويس عن بيت جالا، وإبراهيم
أبو دية قائد منطقة الجنوب، وعن العبيدية كان موسى العلي. وكان هؤلاء يجتمعون في اجتماعات
تنسيقية في صور باهر؛ لأنها في المناطق الأمامية، فيتم الترتيب وإصدار الأوامر من
القادة إلى المناضلين في مناطقهم.
كانت معركة رمات راحيل من المعارك الطويلة؛ فقد استمرت
على مدى ثلاثة أسابيع. وقد تم التخطيط لها بأن حضر جميع قادة جوار القدس المذكورين
أعلاه، بالإضافة إلى قيادتي متطوعي الإخوان المذكورين أعلاه. ونحن، كضباط، كنا
نتلقى التعليمات من هذه القيادة.
كان في رامات راحيل عمارة، وهي الآن أكبر فندق في
المنطقة، قررت القيادة المشتركة المذكورة مهاجمتها؛ بأن يقوم كل قائد بتكليف مناضل
أو أكثر من مجموعته لإيصال لغم إلى تلك العمارة من أجل تنفيذ هذه المهمة. فقام القائد
التعمري "أحمد السالم الحمري" بإرسال مجموعة فاستشهدوا. كما قام "جاد
الله الخطيب" بتكليف شقيقه "علي"، وإبن أخته "إسماعيل سلامة"
من الشواورة –كان محسوبًا من جماعة أحمد السالم الحمري-. وعندما وصل محمود
وإسماعيل تعرضا للقنص من مصيدة كان حرس العمارة من اليهود قد نصبوها بإحكام أمام
العمارة، ولم نعلم بها لأن أفراد المجموعة السابقة استشهدوا جميعًا ولم يعد منهم
أحد. جُرح "علي"، وقام إسماعيل بحمله حتى أوصله إلى صور باهر. في
الطريق، ومن شدة الألم، قام "علي" بعضّ إسماعيل عضة مؤلمة بقيت ظاهرة في
جسمه مدى حياته. فاستشهد "علي" في تلك الليلة متأثرًا بجراحه وتم دفنه
تحت جنح الظلام.
جبل المكبّر: احتله اليهود وحرره
المصريون
يروي "أبو نهاد جاد
الله" عن واحدة من أهم المعارك التي شارك فيها أو سمع عنها، وهي معركة "جبل المكبر"، التي حضرها
وشارك فيها، ويلخص هذه المعركة وفق التسلسل التالي:
-
بعد مغادرة بريطانيا في منتصف أيار من العام 1948م، أبلغ
اليهود هيئة الرقابة الدولية بأن جبل المكبر تحت سيطرتهم؛ لذلك لا تجعلوا أحدًا من
المناضلين يحتك بقوات اليهود هناك، وادّعوا أن هناك مناضلين فلسطينيين قريبين من
منطقتهم.
-
نحن من جانبنا كان لنا وجود رسمي في المكبر، في بيت
لصاحب قطعة أرض قريبة جداً من الكلية العربية، في منطقة اسمها حواكير خريش. كلفني القائد
"جاد الله محمود الخطيب" والقائد المصري "محمود عبده" بمهمة
مراقبة هناك، بأن حظيرة من (11) شخصًا؛ بحيث نتواجد في البيت بسلاحنا وأكلنا وكل
ما يلزم. والكلية العربية هي المؤسسة التعليمية الفلسطينية التي تخرّج منها حسين
فخري الخالدي وعارف العارف وأنور الخطيب وغيرهم من كبار وزعماء القدس.
-
عصر ذلك اليوم، حضر ضباط من هيئة الرقابة الدوليّة، وجاء
ضابط مصري من طرفنا، من الذين يداومون في صور باهر، للتأكد من شكوى اليهود، وساروا
على الخطوط الأمامية التي ذكرتها سابقاً، في مواجهة المستعمرات الخمس، ورأوا
بعينهم اننا نحن المتواجدين في تلك المنطقة، وليس لليهود وجود.
-
كنت أنا الموجود في الموقع، والمسؤول المباشر عن
المناضلين هناك، فرتبت أموري وأنزلت ثلاثة مناضلين على بيت لشخص من سنجل هدمه
الاحتلال الإسرائيلي فيما بعد، وهو يقع الآن في مستعمرة هرمونا نتسيف. الثلاثة
هؤلاء يراقبون في الواد من منزل السنجلاوي، وأنا والمناضلين الآخرين موجودين قريب
من الكلية العربية.
-
عندما أكدت هيئة الرقابة الدولية لليهود من أن شكواهم
غير صحيحة، وأن المناضلين العرب من المنطقة، فقام اليهود في اليوم التالي بتحضير
أنفسهم لهجوم من أجل احتلال المنطقة التي تحت سيطرتنا، وكانوا هم في الكلية
العربية، التي تبعد عنا نحو (200) متر فقط.
-
وعندما تأكدت من حراك اليهود وتجهيز أنفسهم، أبلغت
القيادة، ومحمود عبده بالتحديد، بأن هناك تحضيرات لليهود؛ من خلال ما ألاحظه من حركة
وتحضيرات قريبة من آخر الشارع القريب من الكلية العربية. قال لي "محمود
عبده": طيب خلينا على اتصال، وخليك أنت متابع الموضوع.
-
عندما حلّ المساء، ازدادت حركة اليهود: سيارات وجنودهم
يتوافدون بكثافة، فاتصلت بالقيادة في صور باهر، ووصفت لهم ما الذي أراه بأم عيني.
ثم قام اليهود بإطلاق النار على المناضلين الثلاثة الموجودين في بيت السنجلاوي،
واستشهد فيها مناضل اسمه "حمدان حسين عميرة". بقيت المجموعة في مكانها
حتى أدلهمّ الليل فأرسلت مناضلين نقلوا الشهيد إلى صور باهر.
-
بدأت المعركة بعد صلاة المغرب مباشرة، ولم يكن هناك
تكافؤ بيننا وبينهم، فنحن (11) جنديًا فقط وسلاحنا محدود طبعا سلاحنا محدود؛ عبارة
بنادق عادية ورشاش واحد وبعض القنابل، يقابلنا عدو بأعداد كبيرة من الجنود
ومصفحات، وكأنهم مقبلون على محاربة دولة
بأكملها.
-
قبل ان يبدأ الهجوم بوقت قصير -حوالى نصف ساعة-، ولمّا عرف
اليوزباشي "محمود عبده" باستشهاد أحد المناضلين، قال لي حرفيًّا: أنا أريد
أن آتي إليك على مكان المعركة ضروري، حتى أرى ماذا سيحصل على الطبيعة. وحضر
اليوزباشي محمود عبده مع شاويش إسمه "سعد" -كان مرافقًا له-، فحضرا إلى مكان
المعركة.
-
وعندما وصل الأوزباشي قال لي: أريد ان توصلني إلى أقرب نقطة
لليهود عن الكلية العربية. وذهبنا لمسافة بين (100-200) متر أنا وهو والشاويش سعد
وركزنا الإصغاء والنظر، فقال: يوجد تحضيرات كبيرة لليهود! ونحن نتحدث بدأوا بإطلاق
النار، فكانت أول طلقة انطلقت أصابت اليوزباشي محمود عبده([1])،
فقمت انا والشاويش بحمله، فقال لي: أوعك تتحرك خليك أنت، والشاويش سعد سيقوم بمساعدتي
وسأعود إلى البلد، فحمله على ظهره وذهبا وعادا إلى صور باهر، وبقيت أنا ومجموعتي.
-
كنا في غرفة ليس لها سقف وطبعا،
فقاتلنا قدر استطاعتنا، ونظرًا لحجم المهاجمين وقوّتهم أصدرت الأوامر لأفراد
مجموعتي، بأن يقوم كل منهم بتقدير الموقف، وأن ينسحبوا وهم في حالة مقاومة، ووجوهكم
على اليهود، حتى نصل المكان الذي يوجد في الامان.
-
وبعد قليل، رأيت قوة من المهاجمين اليهود يدخلون البيت
الذي كنا فيه، في حين أننا ابتعدنا عن البيت، وكان قد أصيب من مجموعتي اثنين من
المناضلين.
-
نزلنا إلى الواد؛ في حين أنهم وقبل منتصف الليل كانوا قد
سيطروا على الجبل سيطرة كاملة.
-
عاد الجميع إلى صور باهر، ما عدا أنا وشاويش برفقتي اسمه
"محمد عبد محمود الخطيب" كان معه "برن انجليزي" وقال: أنا لا
اريد ان اذهب الى صور باهر، سأظل هنا حتى نرى ماذا سيحصل. وعندما أشرقت شمس اليوم
التالي، وكان اليهود قد احتلوا المنطقة، ذهبت أنا ورفيقي إلى الجهة الشرقية، عند
شخص من بلدة العبيدية ساكن هناك يقولون له "ابو عبد الله" وهو شيخ من
مشايخ بلدة العبيدية وجلسنا عنده بالبيت القريب على هيئة الرقابة الدولية، فأكرمنا
أنا والشاويش. فبدأت معركة نهارية، ونحن لا نستطيع عمل أي شيء، فبعثنا الخبر
لليوزباشي محمود عبده ان المعركة بدأت.
-
أخذ اليوزباشي المعلومة، وأتصل ببيت جالا، حيث كانت هناك
قوة مصرية تمتلك مدفعية ومعدات عسكرية أخى مركزة على قمة جبل كريمزان، وكان المسؤول عن هذه المعدات إسمه كمال الدين
حسين -من رجال الثورة ايام عبد الناصر-، فصار التواصل بين قوّة كريمزان وضابط في
صور باهر، علمًا بأن أرض المعركة مكشوفة تمامًا لليوزباشي محمود عبده ومن معه من
قوات في صور باهر في القيادة كاشفين المكبر. ومما عرفناه أـن الضابط المصري الموجود
في موقع صور باهر كان يراقب المعركة، وهو على تواصل مع القيادة في كريمزان في بيت
جالا، فيحدد لهم الزوايا والمسافات، بالأمتار -عشرة لليمين خمسة للأمام-، ونحن نسمع
قذائف المدفعية كأن القذيفة زير مملوء بالماء.
-
استغليت الموقف، فتقدمت حتى وصلت دار المندوب السامي،
حيث يوجد دائرة عند المدخل تابعة لهيئة الرقابة الدولية، ودون أن أتحدث مع أحد
شاهدت اليهود كانوا على الأرض قتلى بالعشرات، وتحت ضغط المدفعية المصرية هرب من هرب
ومات من مات.
-
وأنا موجود عند مدخل منزل المندوب السامي، توجه لي شخص
يهودي ومعه كم مجموعة رافعين ايديهم استسلامًا لنا، وقال احدهم إنه دكتور ومشرف من
النواحي الصحية. فاتصلت بالقيادة في صور باهر، وأبلغتهم بالأمر، فحضر جيب مصري إلى
المكان، واستلموا اليهود المستسلمين، واخذوهم إلى حيث قوة مصرية في دار جاسر ببيت
لحم.
-
هكذا، انتهت المعركة، التي أرى فيها الفضل لكمال الدين
حسين الذي كان يشرف على المدفعية في بيت جالا ولليوزباشي "محمود عبده"،
الذي كان يشرف على توجيه إطلاق القذائف.
-
والآن، بعد الاحتلال الإسرائيلي في العام 1967م، حافظوا
على ميدان المعركة وأحاطوه بأسيجة وحافظوا على أهم معالم المعركة، كالبيت غير
المسقوف الذي كنا فيه وغيره من الأماكن داخل مستعمرة أقاموها في المكان.
خلاصة
القول،
ونحن ننهل من ذاكرة المعمّر المقدسي "أبو نهاد جاد الله" وذكرياته، ونحن في
أجواء مرور سبعين عامًا على بدء النكبة الممتدة على مدى سبعين عامًا بتواصل وبلا
انقطاع، نجد أنفسنا أمام مجموعة من الحقائق المذهلة؛ فيما يخص التسليح والتجهيز في
مواجهة محو الشعب الفلسطيني وإحلال شعب آخر مكانه، المقتصر على محاولات الجيش
الأردني، بما يمتلك من أسلحة متواضعة، وعلى المتطوعين –من هنا وهناك- الذين
يفتقرون إلى التدريب والتأهيل... وغير ذلك من المشاهد التي سوف تبقى وصمة في جبين
التاريخ.
وكانت النتيجة أن أعلن عن قيام دولة
"إسرائيل"، التي سارعت الدول العظمى إلى الاعتراف بها، وترك مليون
فلسطيني بين قتيل وطريد وأسير، ينفصلون "فجأة وبشكل صادم" عن المكان
الذي توارثوه وعمروه عبر آلاف السنين!
وبين هذا وذاك، يبقى "أبو
نهاد جاد الله"، وهو يحث الخطى ليكمل القرن من الزمن، يصدح
بالحقائق التي يعرفها، وهو يتردد بين آلام الهزائم التي يتجرّع أوجاعها وأسبابها
ومسبباتها، وبين الفرح بالبطولات الفرديّة التي يزهو بها ويجعل منها المجس الخاص
الذي يشير إلى أن الأمة بخير، وأنها ولودة بالخيّرين إلى أن يرث الله الأرض ومن
عليها.
فلسطين،
بيت لحم، العبيدية، 03/02/2018م
إرسال تعليق Blogger Facebook