0

في الذكرى السابعة عشر لاستشهاده:
مؤسسة "فيصل الحسيني" تجدد ذكراه.. وتوقدها في النفوس
قراءة: عزيز العصا
المقدمة والتقديم
في مثل هذا اليوم الحادي والثلاثين من أيار من العام 2001م، صحت الكويت على رحيل ضيفها القائد الفلسطيني-المقدسي "فيصل عبد القادر موسى الحسيني"؛ حفيد موسى-القائد ونجل عبد القادر –القائد ونجل "وجيهة"-الإنسانة المقدامة التي لم تحنِ ظهرها أحمال الوطن وهمومه. لمن لا يعرف فيصل الحسيني، ولمن لم يحظَ بالاطلاع على كنه شخصيته ويسبر غورها، أوجز جانبًا من شخصية هذا الشهيد:
قضى ""فيصل الحسيني" شهيدًا وهو يدافع ببسالة عن القدس، التي تئن من وطأة محتل يسعى، بكل السبل، إلى تهويدها وحفر الأكاذيب والضلالات في تفاصيلها كافة. فكان رحيله المبكر –عن عمر 61 عامًا- راحة للمحتلين من قائدٍ مقدسي أصابهم في المكان الموجع، عندما شرع بالمطالبة بمفاوضات حول القدس بشطريها؛ الغربي والشرقي، محدثًا بذلك اختراقًا لـ "واقعٍ!" فرضه الاحتلال بالقوة.
وعندما شيعته جماهير شعبه إلى باحات الحرم القدسي، غادرت قوات الاحتلال مسار الجنازة -دون أي اعتراض ولأول مرة من العام 1967م-؛ لا لِخُلقٍ تحلّى به المحتل، وإنما لإدراكه بأن الجماهير المشيعة لـ "أمير القدس" كانت ستحرق الأخضر قبل اليابس لو أن أحدًا استفزها.
لقد قضى "فيصل الحسيني" ذلك المقدسي الذي بنى وأعلى البناء، فصنع تاريخًا لا يمكن محوه من ذاكرة الأجيال، حتى تُوِّجَ أميرًا لعاصمتنا الأسيرة. وبالتالي، فإنه من الطبيعيّ أن ينبري من أبناء الشعب الفلسطيني من ينذر نفسه وجهده ووقته، للمحافظة على جذوة هذا القائد مشتعلة في نفوس المقدسيين، وفي شوارع القدس وأزقتها وحاراتها.
هكذا، ودون طويل انتظار، انطلقت في العام 2002م "مؤسسة فيصل الحسيني" كجمعيّة خيرية، نطاق عملها مدينة القدس وضواحيها. ولعل من أجمل ما في هذه المؤسسة أن ربّانها، ومن يدير دفتها ولديْه: "محمد عبد القادر" رئيس المؤسسة، و"فدوى" المديرة التنفيذية، اللذين يصدق فيهما قول رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ: إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ" (رواه مسلم).

تتألف المؤسسة من هيئة عامة من (23) شخصية فلسطينية، تعنى بتطوير مدينة القدس في مختلف الجوانب التعليمية والصحية والاجتماعية، وهيئة إداريّة من (7) أعضاء وعضوات يرأسها "محمد عبد القادر" فيصل الحسيني، وطاقم تنفيذي يتألف من (8) موظفين حتى الآن، بالإضافة إلى عدد من الخبراء الذين يتم التعاقد معهم بين الفينة والأخرى.
وهؤلاء، وفق ما تعرفهم صفحة المؤسسة الالكترونية، هم:
§        مجموعة من الفلسطينيين؛ منهم من عرف فيصل الحسيني شخصيا وكان صديقا له أو زميل عمل، ومنهم من تربطه بفيصل علاقة قربى، ومنهم من لم يعرفه شخصيا ولم يقابله. يجمعهم، مع اختلاف تقاطعاتهم مع فيصل الحسيني، إيمانهم بالقيم الإنسانية التي حملها: قيم المساواة والعدالة والمحبة، ومحاربة الحقد والكراهية والانتقام واليأس..
§        يجمعهم إيمانهم بالحق في الدفاع عن الوطن حبا للوطن لا كراهية لأحد، واعتمادهم على قوة المنطق لا منطق القوة، وسعيهم للعمل الوحدوي، والاستناد في اتخاذ قراراتهم إلى دراسة الحقائق وتحليلها، وإعلائهم من قيمة العمل من أجل الحفاظ على وجود الإنسان الفلسطيني في وطنه؛ عبر توفير الخدمات الاجتماعية، من تعليمية وصحية لجميع شرائح المجتمع وفئاته.
§        هم -مثل فيصل، وكل فلسطيني غيور بالضرورة- عاشوا، وما زالوا يعيشون المعاناة من الاحتلال، ويؤمنون بحق العودة الذي مارسه فعليا حين عاد متحملا كل المخاطر إلى الوطن بقرار شخصي عام 1968، وبأن القدس هي محور الصراع، ويدركون بأن واجبهم يكمن في تركيز عملهم فيها ومن أجلها. وعملهم المركّز في قطاع التعليم يرشح من إيمانهم بما آمن به فيصل، الذي أراد أن يقيم "دولة تبني المدارس، وتمسح الآلام، ولا تمارس القمع"([1]).
في هذا اليوم، ونحن نذرف دمعة حزن على فراق القائد، لا بد من البحث عما يجفف دموعنا، ويحيلها إلى طاقة تدفع بعجلة الصمود والبناء نحو الأمام، ودون توقّف، وهذا ما نجده في إنجازات  "مؤسسة فيصل الحسيني"، والقطاعات التي تغطيها في فعلها اليوميّ.
سوف نتكئ، فيما يأتي من بيانات وبيّنات –وبشكل رئيسي- على المقابلة التي أجريتُها مع "أ. فدوى فيصل الحسيني" المديرة التنفيذية للمؤسسة، في مكتبها بالرام، بتاريخ: 19 شباط 2018م، بالإضافة إلى ما يتم الرجوع إليه من وثائق ونشرات وإصدارات خاصة بالمؤسسة.
مؤسسة فيصل الحسيني: من النظريّة إلى التطبيق
يجد المتتبع للنشرات التعريفيّة لـ "مؤسسة فيصل الحسيني" أن القائمين عليها والمخططين لها يسعون إلى الوصول إلى المجتمع المقدسي الذي كان يحلم به المرحوم فيصل الحسيني، بل الذي كان يسعى إلى تحقيقه على أرض الواقع. وهو المجتمع القادر على الصمود والتصدي، وحماية التراث الفكري والحضاري والديني الذي بناه الأجداد بالجهد والعرق والكفاح المرير.
عندما قابلتُ المديرة التنفيذية "فدوى" وجدتُها، وهي تحافظ على الابتسامة المشبعة بالأمل والتفاؤل، مطمئنة إلى الدور الذي تقوم به المؤسسة اتجاه المجتمع المقدسي. كما وجدتُ أنها تقرأ الواقع قراءة علميّة، تمكّن من استشراف المستقبل، وتحدد الدور الذي يمكن للمؤسسة الاضطلاع به على المديين المتوسط والبعيد.
سُجِّلت المؤسسة سنة 2002م، وبُدئ العمل الفعلي فيها "مكتبيًا" بتاريخ: 16/11/2002م، وفي العام (2003م) بدئ بالعمل في التطوير الشامل، الذي تراكمت فيه الخبرات وتوسّعت الخدمات[2]، في القطاعات و/أو المجالات التالية:  
أولًا: قطاع التعليم:
مشكلات التعليم: نظرة عامة
ترى المديرة التنفيذيّة "فدوى" أن قطاع التعليم يعاني من مشاكل عديدة، من أهمها النقص في الغرف الصفية جراء سياسات الاحتلال التي تجعل بناء مدارس جديدة شبه مستحيل،  الأمر الذي يضطر القائمين على المدارس إلى فتح مدارس في مبان غير مجهزة بالأساس لهذا الغرض، مما يشكل ضعفا في توفر المرافق التعليمية الأساسية من مختبرات ومكتبات وملاعب وغرف مصادر وغيرها. ومن ناحية أخرى يعاني الطلبة ضعفا في التحصيل المرتبط بمهارات البحث العلمي والتفكير الناقد، والذي يظهر نتيجة أسباب عديدة تعود لمتعلقات العملية التعليمية القائمة.
لقد طورت المؤسسة  منذ العام 2005 برنامجا حمل عنوان التطوير الشامل لمدارس القدس، جاء بناء على مراجعتها للدراسات القائمة ومشاهداتها في الميدان. وأشارت المشاهدات في حينه إلى جانب النقص في الصفوف والمرافق والأجهزة، وإلى وجود أمية داخل بعض المدارس، ففي أحدها ظهرت حالة أمية لدى 40% من طلبة الصف الثامن الابتدائي، صارت جراء منع المعلمين من الدخول للقدس، ومعاناة مجموعة من الطلبة من صعوبات تعلم.
وبالتالي، جاءت فكرة برنامج التطوير الشامل ليخدم العملية التعليمية داخل المدارس بشكل شمولي، مستهدفا مختلف مناحيها من برامج تعليمية وبنية تحتية. طورت المؤسسة برنامجها ليحمل اليوم رؤية مفادها تطوير البحث العلمي داخل المدارس في مجالات العلوم الطبيعية والاجتماعية والتاريخ واللغة العربية من ناحية، وتطوير بيئات قائمة على قيم الديمقراطية وحقوق الطفل والمساواة الجندرية من ناحية أخرى. وطورت لتحقيق هذه الرؤية آليات تنفيذ تستند إلى الورشات التدريبية للمعلمين بالأساس في مجالات تعليم البحث العلمي وتنويع أساليب التعليم للوصول لكافة الطلبة، وبرامج قراءة موجهة للطلبة وتطوير في بيئات المدارس التكنولوجية وبناها التحتية.

صعوبات التعلم: مشكلة وحل
تشير المديرة التنفيذيّة إلى عدم توفر إحصائيات واضحة ودقيقة فيما يتعلق بالتسرب من المدارس. وعندما بدأت المؤسسة عملها في برنامج التطوير الشامل كان الحديث عن ما نسبته  (12%) للطلاب الذكور و(10%) للإناث في المرحلة الأساسية، وترتفع هذه النسبة في المرحلة الثانوية.
هناك أسباب مختلفة للتسرب، أهمها صعوبات التعلم لدى الطلبة، فوفق خبرة المؤسسة الناشئة عن عملها في التشخيصات الخاصة بالصعوبات في عدد من المدارس، فإنها تقدر أن هناك ما يزيد عن (18%) من طلبة مدارس القدس يعانون صعوبات، ما كانت لتظهر لو تمتع هؤلاء الطلبة بخدمات تعليمية قائمة على تنويع أسايب التعليم لتصل للطلبة على اختلاف طرق تعلمهم.
فصعوبات التعلم مشكلة تواجه طلبة أذكياء وأذكياء جداً، وكثير من هؤلاء يخسرون التعليم ويتسربون من المدارس. ومن الملفت أن المشاريع التي تعتمد التعلم عبر الممارسة العملية، ضمن برنامج التطوير الشامل في مجال البحث العلمي وبناء وبرمجة الروبوت، ساهمت في الكشف عن قدرات هؤلاء الطلبة.
البحث العلمي: قيمة عظمى.. وهدف استراتيجيّ
ضمن مسارها، طورت "مؤسسة فيصل الحسيني"، كما ذكر سالفا رؤيا عامة أو هدف استراتيجي يتمثل بتطوير مدارس تسعى ليكون طلبتها قادرين على القيام بالبحث العلمي، والإنتاج الأدبي والفكري.
وهنا، لا بد من التأكيد على أن الأمر يتطلب تأهيل المعلمين، في مختلف المجالات، لتوظيف الأساليب العلمية في التعليم، مع التركيز على أساليب البحث العلمي. فقامت المؤسسة بتنظيم فعاليات وأنشطة وتدريبات خاصة بالبحث العلمي في مجالات: اللغة العربية، والعلوم الاجتماعية والتاريخ ، والعلوم الطبيعية.
فعندما نتحدث عن البحث العلمي لمادة التاريخ على سبيل المثال، فإننا نتحدث عن نقلها من مادة حفظ، إلى مادة بحث علمي؛ يتعلم فيه الطلبة التاريخ عن طريق التفكير الناقد؛ بحيث أنهم يحللون المعلومات، وينظرون لها من زوايا مختلفة، ويُعْمِلون فيها العقل، دون أن يقوموا بحفظها غيبًا  كما هو الحال في التعليم التقليدي.
والباحث/ة في ذلك كله هم الطلبة، الذين يتلقوْن التدريب والتأهيل على أيدي معلمات ومعلمين على مستوى عالٍ من التأهيل أيضًا. ولضمان استمرار هذه العمليّة يتم تعيين مستشارين؛ لمساعدة المعلمين على القيام بتدريب الطلبة على البحث العلمي الرصين...
حاليًا، يمكن القول بأن المؤسسة أسهمت في تطوير مهارات المعلمين، في مختلف التخصصات التي ذكرت في المدارس التي تعمل بها، بحيث يتمكنوا من تطوير قدرات وإمكانات البحث العلمي لدى طلبتهم. ففي مجال التأريخ الشفوي، تم تدريب المعلمين وتأهيلهم، فكانت النتيجة أن طلبتهم تمكنوا من إنجاز بحوث في التاريخ الشفوي، منها حول النكسة في العام 1967م، ومنها حول الانتفاضة الأولى؛ من خلال مقابلة الذين عاشوا هذيْن الحدثيْن أو عايشوهما، وذلك وفق منهجية ومحددات تم تدريبهم عليها مسبقًا. في حين تمكن مجموعة من الطلبة من تطوير أبحاث علمية مبسّطة في مجال العلوم الاجتماعية تناولت مواضيع حول قضايا المرأة، وأخرى حول قضايا شبابية وحقوقية وغيرها، منها ما استند بشكل أساسي إلى تطوير استمارات ومقابلات، ومنها ما استند إلى تحليل أو مقارنة الأدبيات، خاصة فيما تعلق بمواضيع اللغة العربية، كما نتج العديد من الأبحاث العلمية في العلوم الطبيعية.
ومن الطريف أن الإداريين والموظفين، وكل من يتابع تلك الأنشطة والفعاليات "البحثيّة"، تتطوّر قدراته/ا البحثيّة أيضًا، لا سيما وأن الأجيال السابقة لم تتعلم منهجيات البحث العلمي كما يجب.
البيئة الديمقراطية
كجزء من التطوير الشامل، وبهدف تطوير جيل يحمل قيم الديمقراطية، قامت المؤسسة بتنفيذ مشروع "الدستور المدرسي التشاركي"، علمًا بأن هناك "دستورًا" يصل إلى المدرسة من وزارة التربية والتعليم؛ وهو قائمة من القوانين الجاهزة. إلا أن المؤسسة تسعى مع المدارس  لتطوير الدستور داخل المدرسة، بمشاركة الطلبة والأهالي والمعلمين، عن طريق عملية انتخابية تجري حسب الأصول، ووفق خطوات متتابعة تتعزز وتتجلى فيها قيم الديمقراطية.
ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أنه لا يمكن تحقيق هذه العملية الدستوريّة إلا بدءًا بتعزيز التربية القائمة على حقوق الأطفال؛ والتي تضمن تمتعهم بها، بما تشمله من حقوق تعلم ولعب وتعبير ومشاركة وغيرها، وحرمانهم من أي منها يعني سرقتها؛ بما يخالف كل الأخلاق والقيم الإنسانيّة، ويحول دون إيصالهم للمشاركة في تطوير الدساتير التي تحكم حياتهم لاحقا.
لقد خاضوا في "مؤسسة فيصل الحسيني" تجارب ناجحة في مجال "الدستور التشاركي"، نجم عنها إصدار المؤسسة "دليل الدستور المدرسي"، في العام 2016م، يتألف من مقدّمة وفصليْن، هما: المواطنة (مفهومها، وتعريفاتها، وركائزها... الخ)، والدستور المدرسي (من حيث: المفهوم، والتعربف، والأهداف... الخ). وهناك خطة مستقبلية خاصة بقيام (15) مدرسة بإنجاز الدساتير التشاركية لكل مدرسة على حدة؛ بهدف تعزيز المواطنة لدى الطلبة، وتنشئتهم ليصبح الواحد منهم قادرًا على ممارسة التفكير الناقد، ويتخذ قراره بحريّة دون خوف أو وجل.
ثانيًا: قطاع الصحة
في هذا المجال، يتوفر في المؤسسة صندوق خاص للمستشفيات الخيرية الستة (مستشفى المقاصد الخيرية، مستشفى المطلع، ومستشفى مار يوحنا للعيون، ومستشفى سانت جوزيف (الفرنسي)، ومستشفى الهلال الأحمر الفلسطيني ومؤسسة الأميرة بسمة للأولاد المعاقين)، الذي تأسس عام 1999م، وكان يتبع لأصدقاء مستشفيات القدس الشرقية. وبعد إنشاء المؤسسة انتقل هذا الصندوق إليها، واستخدم ريعه لخدمة جميع المستشفيات –الستة- كما تم دعم بعض المستشفيات التي واجهت احتياجات ملحة. وما زال هذا الصندوق قائمًا.
ثالثًا: قطاع الثقافة
يظهر جل عطاء المؤسسة في الجانب الثقافي  من خلال برنامجها التطوير الشامل عبر برنامج مسابقة القراءة، التي تستهدف الطلبة من الصف الثالث حتى الصف العاشر داخل المدارس. وأساس هذا البرنامج أن يقوم كل طالب بقراءة (4) كتب. وتم اختيار الكتب التي تتطرق إلى القيم ذات الصلة بالديمقراطية، والمساواة، وحقوق الإنسان، والبحث العلمي. كما تتضمن القضية الفلسطينية، بشكل أساسيّ. وتم مؤخرا تنفيذ مسابقة القراءة بين الطلبة شارك فيها ما يقارب (1200) طالب وطالبة. وتقوم المؤسسة بالإشراف على هذه المسابقة منذ ست سنوات.
 إلى جانب ذلك قامت المؤسسة في سنوات سابقة بمتابعة احتياجات المراكز الشبابية، في مختلف المجالات، مثل: توعية المدراء والموظفين في تلك المراكز، وانشاء وتفعيل المكتبات فيها، وتغطية تكاليف جارية وفق احتياجاتها. ونفذت، لعدة سنوات، برنامج "جائزة فيصل الحسيني للشباب"؛ الذي عمل من خلاله المشاركين على تنفيذ خمسة برامج، هي:
الأول: خاص بتهيئة المشاركين للاشتراك بالجائزة، ويضم: تعريفهم بشخصية فيصل الحسيني، وتاريخ وقضية القدس.
الثاني: برنامج المهارات الهادف إلى تطوير مهارة على الأقل للمشارك/ة.
الثالث: برنامج الرياضة.
الرابع: برنامج الاستكشاف والتخييم.
الخامس (والأهم): برنامج التطوع، الذي هدف إلى تطوير وتعزيز هذه القيمة عند المشاركين كقيمة وطنية وإنسانيّة..

"مؤسسة فيصل الحسيني" تسعى إلى تحويل التعليم إلى ثقافة أو سلوك
تسعى "مؤسسة فيصل الحسيني" إلى إحداث تغييرات حقيقية في المجتمع المقدسي، من خلال إعداد الطلبة في مدارس القدس، بنقلهم من التعليم التقليدي الجامد، إلى تمكينهم من ممارسة البحث العلمي في حياتهم اليومية؛ عندما يكونوا قادرين على وضع الفرضية، وطرح الأسئلة الخاصة بها، ثم البحث في تلك الفرضيات. وفي ذلك كله، نكون قد نقلنا الطلبة من الاعتماد على التذكّر لحفظ المعلومة، إلى البحث العملي والقراءة والمطالعة لعدد من الكتب والمقالات وصولا الى الاستنتاج.
وإذا ما علمنا بأن "مؤسسة فيصل الحسيني" تقوم بالتفاصيل المذكورة أعلاه، في قطاع التعليم، بالتواصل والتكامل مع أهالي الطلبة وأولياء أمورهم ومعلميهم، فإنها تكون قد أدخلت الأسرة المقدسية في العمليّة التعليميّة، وجعلت من عمليّة التغيير التي مركزها الطالب/ة، عمليّة تغيير للمجتمع في غالبيّته العظمى.
خلاصة القول،
قبل أن نغادر، أجد نفسي مضطرًا إلى القول، بأن ما ذُكِرَ أعلاه هو جزء يسير من واقع هذه المؤسسة الفتيّة وهي تدخل عامها السادس عشر. فقد قُدِّرَ لي الاطلاع على ما أرسلته لي المديرة التنفيذية "فدوى" من نشرات وأدلّة وإصدارات أنجزتها "مؤسسة فيصل الحسيني"، وغالبيتها في مجال التعليم، لأجد فيها خلاصة الخلاصة في الفكر التربوي، المتضمن عددًا من النشرات والإصدارات، التي لا يمكن للمهتم بالشأن التربوي، وفي شأن اللغة أن يتجاوزها، وأورد هنا الأمثلة التالية: دليلان لمعلمي المرحلة الأساسية في تعليم مهارتي القراءة والكتابة، وهما من إبداع الخبير اللغوي "د. موس م. خوري"،  وكرّاس الدستور المدرسي، من إبداع "جواد الدويك"، ودليل البحث العلمي في العلوم الاجتماعية للدكتور يحيى حجازي، ودليل النوادي العلمية "بأيدينا نكتشف للأستاذة ديمة حلواني، بالإضافة إلى كرّاسات أخرى باللغة الإنجليزيّة حول دمج الموسيقى والتفكير التأمّلي للدكتورة جان قطان.
ليس هذا وحسب، وإنما هناك نشرات أخرى، باللغتين: العربية والإنجليزية، تعرّف بالمؤسسة وبرامجها وإنجازاتها في مدينة القدس في المجالات التعليمية والشبابية والصحية. وفوق ذلك كلّه تجد نفسك أمام موقع إلكتروني مريح، يسهل التعامل معه، والاطلاع على ما تريد بشأن المؤسسة، وأرشيفها وبرامجها وخططها المستقبلية، المدعوم بالمعلومات الإحصائيّة القيّمة الخاصة بمجالات عمل المؤسسة.        
وأما السر في هذا النّجاح، فيكمن بمن يقود العمل وفق قاعدة صلبة ومتينة مفادها أن "لا استسلام للفشل.. وأن الفشل تجربة ناجحة"، وفي ذلك يقول المفكر العربي-المصريّ "أحمد أمين": من لا يفشل لا ينجح.. ومن لا يخطئ لا يصيب".
وفق ذلك، جاءت الكلمات الأولى للمديرة التنفيذيّة للمؤسسة "فدوى فيصل الحسيني"، التي وصفت تجربة مؤسستها بأنها تجربة تراكميّة؛ بدأت صغيرة، ثم كبرت ونمت نموّا "تراكميًا"، ساعية إلى تحقيق جزء من حلم مُلْهِمها القائد المقدسي التاريخي المرحوم "فيصل عبد القادر الحسيني"، الذي لم يكن يركن إلى النوم وهو يعلم أن مقدسيًا تعرض للأذى من قبل الاحتلال؛ بل كان يسهر عليه ويسهر معه، ويبذل قصارى جهده لفعل شيئ يقاوم به الاحتلال وممارساته، دون خوف من اعتقال أو من رصاصة طائشة من جندي طائش من دولة طائشة –كما قال المرحوم الفيلسوف عبد اللطيف عقل-.


[1] انظر: الموقع الالكتروني لمؤسسة فيصل الحسيني (أمكن الوصول إليه بتاريخ: 21/05/2018):
[2] تؤكد المديرة التنفيذيّة "فدوى" على أن العمل المؤسسة بدأ صغيرًا، وأخذ يكبر تدريجيًا، كل عام، فقد بدأت بالعمل مع مديري المدارس، وأصبح العمل الآن مع الطواقم التعليمية بأكملها في نفس المدارس.






إرسال تعليق Blogger

 
Top