0
ثبوت الأهلة: بين رؤية البصر وحساب الفلك
نُشِرَ في مجلة الإسراء. تصدر عن دار الإفتاء الفلسطينية. العدد 104 (آب وأيلول-2012) ص ص: 18-26
د. محمود أحمد أبو سمرة
أ‌.     د. عماد أحمد البرغوثي
أ. عزيز محمود العصا
لا شك في أن مسألة إثبات هلال الشهور القمرية أصبحت من المسائل الجدلية؛ يظهر فيها الخلاف والاختلاف جلياً بين جميع الأطراف ذات العلاقة. فالفقهاء  لهم مفاهيمهم الفقهية، وأدلتهم الشرعية التي يرتكزون عليها في ثبوت هلال الشهر القمري، وبالتالي بداية السنة القمرية، وما يترتب على ذلك من تحديد مواقيت بعض العبادات المتعلقة بتواريخ هجرية، بالمقابل لعلماء الفلك حساباتهم المستندة لمجموعة من القوانين الرياضية المتراكمة منذ أرخميدس، وما قبله، إلى يومنا هذا، مروراً  بما أنجزه علماء المسلمون في مجال علم الفلك.
وعندما يتعلق الأمر بهلال رمضان أو شوال أو ذي الحجة، فإن لذلك معنى مختلفاً؛ فيرقب هذه الأهلة كل شرائح المجتمع المسلم؛ ابتداءً من الشيخ الهرم وانتهاءً بالطفل المقبل على الحياة، كما ينتظره الأمير والغفير، بل كل فرد، مسلم وغير مسلم، ممن يعيشون في البلاد الإسلامية. كل هؤلاء ينتظرون الإعلان عن ولادة هلال ليؤدوا عباداتهم التي قضى الله، جل شأنه، أن يؤدوها، كالصوم مثلاً امتثالاً لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (البقرة: 183)، والحج امتثالاً لقوله تعالى: "الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ..." (البقرة: 197)
لذلك؛ فإنه من الأهمية بمكان أن نتحرى ما يوحد الأمة في دينها ودنياها، وما يعزز هيبتها وحضورها بين الأمم. لأن الاختلاف بين المسلمين، دولاً أو جماعات أو أفراد، يُضعف الأمة ويشتت شملها ويُذهب هيبتها التي تحميها من الأعداء مهما كانوا ضعافاً. ففي العام 2006 اختلفت دول العالم الإسلامية في تحديد بداية شهر رمضان المبارك، فبدأت السعودية والكويت وقطر والبحرين والإمارات واليمن والعراق وفلسطين ولبنان وليبيا والسودان شهر رمضان في  23 أيلول،  في حين بدأت معظم دول العالم الإسلامي صيامها في 24 أيلول، منها: أندونيسيا وماليزيا وتركيا وعُمان والأردن وسوريا ومصر وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا والصومال وغيرها، في حين بدأت إيران وباكستان في 25 أيلول ([1]).
وهنا؛ نتساءل: أليس من المعيب أن يحصل هذا لدى أمة إقرأ؟ أليس في الأمة علماء قادرون على رأب الصدع الفقهي و/أو العلمي؟ أليس من الواجب الشرعي على علماء الأمة أن يرفعوا صوتهم عالياً في وجه هذا الاختلاف الذي يجعل أمتهم محل سخرية الأمم الأخرى التي تتربص بها صباح مساء؟ كيف يمكن أن نفهم اختلافهم هذا في رؤية هلال رمضان وشوال ولا نراه في هلال ذي الحجة؟ كيف يكون للأمة الاسلامية مواقيت هجرية واحدة، تبدأ بالأول من محرم، لجميع شعوبها، في ظل اختلاف بدايات شهور السنة القمرية؟ أو ليس المسلمون أمة واحدة، ربهم واحد، وكتابهم واحد، ونبيهم واحد، وقبلتهم واحدة، وقمرهم واحد، وعامهم الهجري واحد؟ أو ليس من مظاهر هيبة الأمة الاسلامية وقوتها أن تتوحد في صيامها وفطرها، كما تتوحد في حجها، بدلاً من أن تتمزق في دينها كما هي ممزقة في كياناتها السياسية والجغرافية؟
وفي محاولة منا لأن نأخذ دوراً، ولو بسيطاً، في هذا المجال، كباحثين وكتاب ومتخصصين، في ظل التفرق والتشرذم والاختلاف الذي يحدث للأمة الاسلامية مع بداية كل رمضان وشوال، ارتأينا أن نكون ممن يقولون كلمة حق في وجه واقع الأمة المتشظي في مجال التعامل مع ظاهرة الأهلة، وانعكاس ذلك على الاعلان عن موعد عبادتي الصوم والحج، وعيدي الفطر والأضحى، لعل ذلك يساعد في لَمِ شمل الأمة حول عباداتها المرتبطة بالأهلة. 
فموضوع الأهلة (جمع هلال)، كظاهرة فلكية، هو من المواضيع محط التساؤل والاستفسار منذ ما قبل الإسلام، فقد خاطب الله، جل في علاه، نبيه بقوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ..." (البقرة: 189). إن في هذه الآية إجابة واضحة على الدهشة التي تصيب المراقب للأهلة أن الخالق سبحانه قد جعلها علامات يعرف بها الناس أوقات عباداتهم المحددة بوقت مثل الصيام والحج, ومعاملاتهم ([2]). كما جعل تلك الأهلة مواقيت (جمع ميقات) (للناس) يعلمون بها أوقات زرعهم ومتاجرهم وعِدَد نسائهم وصيامهم وإفطارهم ([3]).
وفي قوله تعالى: "هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" (يونس: 5) وَصفٌ لدور الشمس والقمر، وما يجري على حركتيهما من تغيرات، في حياة الناس. كما أن فيه تشخيص واضح لدور القمر، بالضوء الذي يعكسه ومنازله، في احتساب الأيام والأشهر والسنين والعقود والقرون.
بهذه الآيات وغيرها؛ يكون قد صدر الأمر للمسلمين بأن يتأملوا ويتدبروا في حركة  الشمس والقمر، لما لذلك من دور واضح في حياتهم المعاشية والعباداتية. فنشأ عندهم علم فلك إسلامي، له ملامحه وسماته القائمة على ما ورد في كتاب الله سبحانه وسنة نبيه (ص) من حث وضوابط. وبذلك جمعوا، بما لا يجعل مجالاً للانفصام، بين علوم الفقه والعقيدة من جهة، والعلوم الرياضية والطبيعية من جهة أخرى. وما ورثناه من ثروتهم العلمية في هذا المجال يدلل على جهودهم الجبارة التي يعترف بها العدو قبل الصديق، بالرغم من ضياع ونهب الجزء الكبر من هذه الثروة.
    وقد شكلت مسألة ولادة الهلال موضوعا مهماً لدى علماء الفلك المسلمين، فمنذ القرن التاسع وحتى نهاية القرن الثالث عشر الميلادي، خصصت لهذه المسألة دراسات كثيرة ، وجاء اهتمام المسلمين بهذه الظاهرة (ولادة الأهلة) لارتباطها ببعض عباداتهم، فأخذت بعداً خاصاً عند المسلمين، ورغبة صادقة عند علمائهم المخلصين في البحث عن الكيفيه المثلى التي تساعد في التحقق من بدايات الشهور القمرية، وازالة ما يثار من اشكاليات واختلافات حول هذا الموضوع كلما جاء أوانه.
        وتمحورت مسألة تحديد بدايات الشهور القمرية(الهجرية) حول موضوعين هما: الرؤية، والحسابات الفلكية. ويعمد المختصون في هذين المجالين الى إثبات حججهما وتوضيح أدلتها، ويحاول كل منهم إقناع الآخر باعتماد ما يراه صواباً.
      والمتتبع لما كتب حول هذا الموضوع، يلاحظ أن تحديد بدايات الشهور القمرية ينحصر في ثلاثة آراء: الأول، يرى باعتماد الرؤيه في اثبات دخول الشهر القمري، ولا يقبل أية وسيلة أخرى، والثاني أسقط وسيلة الرؤية نهائياً، واعتمد الحسابات الفلكية المحضة في تحديد بدايات الشهور القمرية، والثالث  يعمد الى الاستئناس بالحساب الفلكي في تحديد بدايات الشهور القمرية، في حالات معينة وظروف معينة، مع تمسكه بالرؤية الشرعية كأصل. ويمكن توضيح ذلك بشيء من التفصيل:
الرأي الأول:  يرى أنه لا يجوز الاعتماد على الحسابات الفلكية مطلقاً وأن الأصل في ذلك هو الرؤية البصرية: هذا الرأي منقول عن أكثر العلماء المتقدمين، بل يكاد يكون مجمعاً عليه، فهو قول للحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة ([4]). واعتمد هؤلاء على أدلة شرعية صريحة في هذا المجال، ربطت ربطاً صريحاً بين بدايات الشهور القمرية ورؤية الهلال، واعتبرت رؤية الهلال دالة على دخول الشهر القمري. منها ما رواه مسلم في صحيحه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم  فصوموا ثلاثين يوماً" ([5]). وفي لفظ عند مسلم أيضاً قال: قال أبو القاسم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غمي عليكم فأكملوا العدة". إضافة الى العديد من الأدلة الشرعية، التي لا يتسع المجال لحصرها، التي اعتبرها أصحاب هذا الرأي تدل دلالة صريحة على أصول شرعية في أحكام الشهور وإثبات أوائلها، وقالوا إن الشرع علق الأحكام التعبدية الشهرية على الأهلة بطريقي يقين: الرؤية أو الإكمال، وان الشرع جعل علامة أول الشهر الهلال لا غير، وأن ليس لأول الشهر حد عام ظاهر سواه. ومن الأدلة ما يفيد بمنطوقه تحريم الصوم والفطر قبل الرؤية والإكمال، كقوله عليه الصلاة والسلام: "لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين". وأنه ليس في شيء من الأحاديث إناطة الحكم الشرعي بالحساب الفلكي وتسمية الشهر به شهراَ  بل تعليقه الحكم بأمر يقيني من رؤية أو إكمال يدل دلالة واضحة على نفي إناطة الحكم بأي سبب آخر. ففي هذا فطم عن الاعتماد على الحساب في هذا الحكم ([6]).
الرأي الثاني: الذي يرى الاعتماد على الحسابات الفلكية فقط، ولم يلتفت الى الرؤية ولا بحال من الأحوال. فحسم أمره، ولم يلتفت الى أي دليل شرعي بهذا الخصوص.  فيتم تحديد بدايات الشهور القمرية للسنة القادمة مثلاً، بعد أن يفرغ الحاسبون من حساباتهم، ويعلنونها على الملأ، ففي شهر محرم مثلاً، يمكن الاعلان عن الأول من رمضان، والأول من شوال، والعاشر من ذي الحجة، وأي يوم من أيام السنة القمرية.
 وهذا الرأي ليس رأياً فقهياً حتى يناقش بالأدلة الشرعية، وإنما هو قول للفلكيين وليس للفقهاء، فلم يطرح أصلاً كرأي فقهي، بل طرح للناس على اعتبار أنه رأي علمي محض، استند الى معادلات رياضية تم اكتشافها وتطويرها. فلا يمكن الرد عليه سوى انه رأي رمى بالأحاديث النبوية المتعلقة برؤية الهلال وثبوت الشهر وراء ظهره، وأسقط هذا الجانب، وقدس الأرقام التي توصل اليها، واعتبرها قطعية جازمة لا مجال للشك فيها. ونسي هؤلاء أن المسلمين الأوائل الذي قادوا ثورة علمية في علم الفلك، أمثال البتاني، وابن الشاطر، والخوارزمي، وابن يونس وغيرهم الكثير، قاموا بحساباتهم الكثيرة، وأحياناً الدقيقة، حول القمر والهلال، ومنها رؤية الهلال وثبوت دخول الشهر، ولم يتجرأ أحد منهم على القول بالتخلي عن الرؤية الشرعية في تحديد بدايات الشهور القمرية، والاعتماد على الحسابات الفلكية فقط.
الرأي الثالث: الذي يقول الأصل في ثبوت دخول الشهر القمري هو الرؤية، مع جواز الاستئناس بالحساب الفلكي. وكأن أصحاب هذا الرأي حاولوا التوفيق بين الأمرين، على اعتبار أن بعض الأدلة تشير الى الأمرين معاً، كما فهموها، إضافة الى أنهم وضعوا شروطاً وضوابط عند الاستئناس بالحسابات الفلكية في تحديد بدايات الشهور القمرية، ولم يتركوها على إطلاقها. فقد نقل هذا القول عن ابن سريج الفقيه الشافعي المتوفى سنة 306 هــــــ، فقد نقل عنه جواز الاعتماد على الحساب الفلكي في حق الحاسب خاصة، إذا غم الشهر ولم يره الراءون، والامام تقي الدين السبكي ([7])، والشيخ أحمد الغماري، والشيخ أحمد محمد شاكر ([8])، والشيخ مصطفى الزرقا ([9])، والشيخ يوسف القرضاوي ([10]).
لقد وضع هؤلاء، كما ذكرنا، شروطاً حال الاسئناس بالحساب الفلكي في تحديد بدايات الشهور القمرية. فقد شرط الشيخ أحمد الغماري في كتابه "توجيه الأنظار لتوحيد المسلمين في الصوم والافطار" شرطين:أن يكون الحاسب(الفلكي) جماعة متعددة يؤمن معهم الخطأ ويتحصل العلم أو الظن القوي من اتفاقهم على عدم الخطأ في الحساب، وأن يكون ذلك في حالة الغيم لا في حالة الصحو ([11]). وشرط الشيخ القرضاوي  أن نأخذ بالحساب الفلكي في النفي لا في الاثبات، بمعنى أن نظل على اثبات الهلال بالرؤية وفقاً لرأي الأكثرية من أهل الفقه في عصرنا، ولكن اذا نفى الحساب امكانية الرؤية، وقال إنهاغير ممكنة، لأن الهلال لم يتولد في أي مكان في العلم الاسلامي، عندها نأخذ بالحساب الفلكي ([12]).
واستدل هذا الفريق على رأيه هذا بقوله: إن(أقدروا له) الواردة في الحديث تعني قدروه بحساب المنازل، وأن ما ورد في الحديث النبوي الشريف (إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا) من أن الأمة أمية هو علة لاعتماد الرؤية، فإذا صارت الأمة تحسب وتكتب فلا مانع من اعتماد الحساب الفلكي عندها.
الخلاصة
إن ما نطقت به الأدلة الشرعية الصريحة بخصوص تحديد بدايات الشهور القمرية يفيد بأن الرؤية هي الأصل في إثبات دخول الشهور القمرية. وهذا ما تبناه فقهاء المسلمين قديماً مع وجود الفلكيين وعلم الفلك والحسابات الفلكية المتعلقة بالهلال، بغض النظر عن دقتها وتطور الأجهزة المستخدمة في الحصول عليها، فلم تكن نقطة الخلاف بينهم في مدى دقة الحسابات الفلكية،  ولم يعترض فقهاء المسلمين حينها على ما يقوم به الفلكيون، ولم يعيبون عليهم ما يقومون به، بل كان يعمل هؤلاء وهؤلاء لخدمة هذا الدين، كل من وجهة نظره، ومجال علمه. وإنما كانت نقطة الخلاف محصورة في واحدة فقط هي: هل يأخذ المسلمون بالحسابات الفلكية عند تحديد بدايات الشهور القمرية أم يأخذوا بالرؤية كما جاءت في النصوص الشرعية؟

فمع التقدم العلمي الهائل لعلم الفلك، ووضوح الفصل بين علم الفلك وبين التنجيم، يمكن الاستئناس بعلم الفلك في هذه القضية المهمة، وفق الشروط والأحوال التي أشار اليها الفقهاء قديماً وحديثاً. وأهمها تعذر رؤية الهلال، وأن يكون أهل الحساب ممن يؤمن معهم الخطأ، ويحصل العلم او الظن القوي من اتفاقهم على عدم الخطأ في الحساب. فقد حدثت عوامل كثيرة تؤثر في الرؤية البصرية في العصر الحاضر، وتستدعي الاستئناس بالحسابات الفلكية، مثل: عدم صفاء الجو بسبب التلوث الصناعي بالغازات الهائلة من الصناعات، والتلوث الضوئي، وبخار الماء، والأقمار الصناعية التي تملأ ألأجواء ليل نهار، اضافة الى عوامل أخرى قد تؤثر على الرؤية منها:الوهم، وحدة البصر..
نقطة أخرى لا بد من الاشارة اليها في هذا المقام، نقول ما دامت  لحظة ولادة الهلال واحدة لجميع أقطار الكرة الأرضية، وما دامت جميع الدول التي تقع غرب الدولة التي تشاهد الهلال، يظهر فيها الهلال حتماً. وأقطار العالم متصلة مع بعضها البعض على سطح الكرة الأرضية: ليبيا غرب مصر، والجزائر غرب ليبيا، والمغرب غرب الجزائر... وهكذا حتى تعود الى مصر، لهذا يمكن القول حتى يكون للحساب الوارد في القرآن الكريم معناه الصحيح، وتتحقق المواقيت، لا أن يكون لكل ميقاته ولكل تقاويمه، وحتى لا تختلف الشهور العربية بين الأقطار، نقول أنه لا بد أن يكون الهلال واحداً، والشهر واحداً، والعيد واحداً لجميع المسلمين، وفي جميع أقطار العالم الإسلامي.  وفي هذا تحقيق لوحدة المسلمين في عباداتهم، وخاصة الصوم والحج والأعياد الشرعية. والغريب أن هذا الوحدة العباداتية يقبلها المسلمون في عيد الأضحى، الذي يبنى على الأول من ذي الحجة، ولا يقبلونه في رمضان وشوال والشهور العربية الأخرى؟؟ فالقادم من اندونيسيا إلى السعودية والقادم من المغرب، والمقيم في أندونيسيا والمقيم في المغرب، يلتزم بميقات السعودية وتحديدها لولادة هلال ذي الحجة، ويقفون بعرفات في يوم واحد، ولا يرون في ذلك مخالفة أو ضيراً، أما عيد الفطر فيختلفون على يومين او ثلاثة أيام.
إننا نتوجه إلى صانعي القرار في أمتنا في المجالات الفقهية و/أو السياسية المتعلقة بالأهلة، وبخاصة هلال شهر رمضان المبارك، أن يتقوا الله في أبناء الأمة بأن لا يدعوا خلافاتهم السياسية، وانقسامهم بين الشرق والغرب، تجرف وحدة الأمة في دينها وعقيدتها وعبادتها لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي ليس لنا معبود سواه. إننا نؤكد على وجوب الاعتماد على الرؤية البصرية؛ فهي الأصل, إلا أنه للأسباب المذكورة أعلاه يجب الاستعانة بالحساب الفلكي والمراصد الفلكية التي لا يخلو منها أي بلد إسلامي، شريطة ان يديرها الثقات من العلماء من أبناء الأمة؛ الذين تعتمر صدورهم بالإيمان، بما عليهم من أمانة يؤدونها إلى أمتهم، إلى جانب ما تعتمر بها عقولهم وأدمغتهم من العلم والمعرفة، المستندة إلى خشيتهم من الله، جل في علاه، في قراراتهم، مصداقاً لقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ } صدق الله العظيم (فاطر28). والله هادي سواء السبيل.














[1] عودة، محمد شوكت (2006). المشروع الإسلامي لرصد الأهلة.
[2] التفسير الميسر لسورة البقرة، آية 189.
[3] تفسير الجلالين لسورة البقرة، آية 189.
[4] انظر:
ابن عابدين ، محمد أمين 1255 هـ)، رسائل ابن عابدين ، دار التراث العربي ، بيروت.
الباجي ،سليمان بن خلف  474 هـ)، المنتقى شرح الموطأ، دار الكتب العلمية، بيروت .
الحطاب ، محمد بن محمد بن عبد الله (ت 954 هـ)، شرح الحطاب على مختصر خليل ، دار الكتب العلمية ، بيروت .
النووي ، أبو زكريا محي الدين 676 هـ) :المجموع ، شرح المهذب، مجلد (6)، مؤسسة الرسالة، بيروت.
[5] فهرس ابن ماجه، كتاب الصيام، ((7)) باب ما جاء في ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته))، 1665
[6] البرغوثي، عماد أحمد، وأبو سمرة، محمود أحمد، وعفانة، حسام الدين، والنعيمي، حميد (2004). الأهلة بين الفلك والفقه. مجلة الجامعة الإسلامية (سلسلة الدراسات الشرعية) المجلد الثاني عشر-العدد الثاني، ص: 223-246.
[7] السبكي، تقي الدين علي، (ت 656 هـ)):العلم المنشور في اثبات الشهور، دار ابن حزم، بيروت .
[8] منظمة المؤتمر ألاسلامي، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، ج 2 ، عدد 3 ، ص 824.
[9] منظمة المؤتمر ألاسلامي، مرجع سابق.
[10] القرضاوي، يوسف عبدالله، : (-)فتاوي معاصرة، دار القلم، بيروت.
[11] الغماري، أبو الفيض أحمد بن محمد بن الصديق ،(ت 1380 ه): توجيه الأنظار لتوحيد المسلمين في الصوم والإفطار، ط 1 ، دار النفائس للنشر والتوزيع،عمان.
[12] القرضاوي، يوسف عبدالله، : (-)فتاوي معاصرة، دار القلم، بيروت.

إرسال تعليق Blogger

 
Top