0

إن ما يجري على أرض فلسطين من أحداثٍ، هذه الأيام، شاهد (حي) على غطرسة الكيان الصهيوني وعنجهيته الهادفة إلى (محو) من تبقى من الشعب الفلسطيني على أرضه؛ فالأطفال (يُحرّقون) والآباء والأمهات يذهبون، إلى غير رجعة؛ تحت ردم البيت الذي بنوْه بعرق الجبين وبعذابات السنين، والأجداد والجدات تطايروا، أشلاء، بعكازاتهم التي سبقتهم إلى القبور. 
والأسوأ في المشهد؛ أن جميع من ذكر أعلاه يقضون نحبهم (في آنٍ معاً) داخل حفرة، عميقة جداً، هم وبيتهم وجيرانهم؛ بصاروخ احتلالي قادم من عمق أرض الآباء والأجداد.. أما المسبب في هذا كله فهو تلك الحرب (المجنونة) التي يشنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة، وفق حرب تدميرية-شاملة التي لا تبقي ولا تذر. وفي ذلك يقول قادة الكيان: فلتوقف المقاومة الفلسطينية إطلاق الصواريخ علينا.
أمام ذلك الشرط فلنتوقف، معمقاً، للبحث عن سيناريو للخروج من (براثن) هذه الحرب. وقبل الدخول في تفاصيل هذا السيناريو، أود أن أذكّر الجميع، بما قاله جورج بوش-الأب بُعَيْد حرب (أم المعارك)، حين قال: "على إسرائيل أن تفهم أن الجغرافيا لن تحميها". 
لقد قال الرئيس الأمريكي (في حينه) عبارته تلك بعد أن (عجز) التحالف الثلاثيني الذي غزا المنطقة، عن حماية الكيان من الـ (39) صاروخاً التي أطلقها العراق خلال تلك الحرب، بقيادة شهيد الأمة "صدام حسين" رحمه الله، وقد كان لكل صاروخ منها قصة (مؤلمة) لقاطني الكيان الصهيوني قابلها، من جانبنا، قصة (فرح) لن ننساها. الأمر الذي جعل الصهاينة والأمريكان (يهرولون) لمباحثات ما أسموه "السلام"؛ فكان مؤتمر مدريد، ثم مفاوضات واشنطن، إلى أن انتهى الأمر بـ "اتفاقية أوسلو".
الآن؛ ولأن الشئ بالشئ يُذكر، فقد بات من الضروري أن نقول لقادة الكيان الصهيوني أن الشعب الفلسطيني، بكل تفاصيله؛ الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، يتجرع مرارة (بل علقم العلقم) من الظلم الواقع عليه من خلال الممارسات اليومية المعيشة، مثل:
1) التنكر، التام، للاتفاقيات والمعاهدات والتفاهمات، التي لا يُخضع منها للتنفيذ سوى تلك البنود التي تخدمهم، ورفض تنفيذ أي  (فتات) قد يكون لصالح الفلسطينيين. 
2) يتضح من تصريحاتكم، في كل وقت وحين، تنكركم (التام) لحق شعبنا في العيش الكريم على أرض الآباء والأجداد، التي لم نعد نملك أكثر من 8% منها؛ بعد أن سلبتم جغرافيته التي عمَرَها شعبنا عبر آلاف السنين، وبعد أن سرقتم تاريخه الذي صاغه بعرقه ودمه على تلك الجغرافيا.
3) ها أنتم (تُفلِتون) العقال للمستوطنين لكي (ينهبوا) ما تبقى من الأرض، وما فوقها وما تحتها من ثروات، ويلوثوا البيئة (بل يسممونها)، ويخطفوا الأطفال؛ ليُحرّقونهم ويرمون بهم على قارعة الطريق (كما حدث مع الشهيد محمد أبو خضير الذي لم نفق من هَوْل مصابه بعد)، ويداهموا المساكن الآمنة ليعيثوا فيها فساداً، ويدمروا الممتلكات ويستبيحوا كل شئ.
4) ها أنتم تحاصرون غزة، حصاراً مطبقاً، يجعلهم يسامون سوء العذاب؛ فالجريح منهم ينزف حتى يموت، والمريض يقضي نحبه قبل أن تصله حبة الدواء، والحرمان يطال كل شئ في تفاصيل حياتهم.
إن ما ذُكِرَ أعلاه، وغيره مما لا يتسع المجال لذكره، وبالاستناد إلى الوقائع على الأرض، يجعل كل فلسطيني، بلا استثناء، يضع تلك السلوكيات تحت الضوء؛ ليخرج بنتيجة مفادها: أنكم غير جاهزين لأي (سلام!!) مما تتشدقون به، وأنكم تخططون، ليل نهار، لكي (تنفردوا) بهذه الجغرافيا. 
وعليه؛ فإن أي سيناريو سيقودنا إلى أن القادم من الأيام لا يبشر بخير؛ فالكل الفلسطيني عاقد العزم على التحرر من نيركم، بكل السبل، بما يجعل الجغرافيا عاجزة عن حمايتكم حتى لو كنتم في بروج مشيدة. وأما الموت الذي نتجرعه، فلم يعد أسوأ من الواقع الذي نحياه (وإياكم) على هذه الأرض.

 عزيز العصا/ فلسطين، بيت لحم، العبيدية، 12/07/2014م

إرسال تعليق Blogger

 
Top