0

نعيش هذه الأيام أجواء وضع وسام جديد على صدر الوطن.. فها هن الماجدات الفلسطينيات اللواتي يغادرن الأسر، رغم أنف الآسرين، إلى الحرية.. هذه المغادرة التي شكلت خروجاً عن نصوص قوانين الاحتلال التي صاغها لاغتصاب الأرض، ولي ذراع الإرادة الوطنية لشعب قدم الغالي والنفيس دفاعاً عن حريته وحقه في الوجود على أرض الآباء والأجداد. إلى ماجداتنا المحررات، أقول: 
لا أريد ذكر عَددِكُن، فَأنتن فلسطين بأكملها، لأنكن تعبير عن إرادة شعب قاوم ويقاوم وستقاوم أجياله القادمة.. ولا أريد ذكر الجغرافيا التي تتوزعن عليها، فأنتن اللوحة التي تحمل جغرافيا الوطن الحر الأبي، وكل محافظاتنا ومدننا وقرانا ومخيماتنا وبدونا وحضرنا تزغرد ابتهاجاً بكن.. ولا أريد ذكر أعماركن، لأن الاحتلال يخشى من الفلسطينيين الجنين بل مشروع الجنين؛ والديموغرافيا الفلسطينية تقض مضاجع الاحتلال وتقلق راحته.. ولا أريد ذكر أسباب الأسر، فهذا هو الاحتلال الذي يخشى النوايا، فيعتقل الطفل والشيخ والمرأة وها هو يضل الطريق بلا هادٍ ولا دليلٍ.. ولا أريد ذكر الحالات الاجتماعية لأيٍ منكن، فأنتن شقائق الرجال، وبنات الرجال، وزوجات الرجال. وأنتن ملح فلسطين الحرة الأبية، وإذا اتفقنا بأن لا وجبة شهية بلا ملح، فإنه لا حرية لنا، ولا لأبنائنا، ولن يصان تاريخ الآباء والأجداد إلا بإرادتكن وبعقولكن وبعضلاتكن وبكن ومعكن.
وعليه، فإنني أتوجه إلى كل فلسطيني غيور أن يتوجه إلى الماجدات المحررات، وإلى الماجدات الرابضات خلف قضبان المحتل وظلمه وطغيانه، بباقةٍ تحمل شيئاً من برتقال يافا، وقمح سهول فلسطين وزيتون جبالها الشماء.. باقة توثق للوطن بشهدائه الأبرار، وأسراه البواسل، وجرحاه الأشاوس.. باقة تحمل ملامح فلسطين التاريخية المعمدة بتضحيات الأجداد، والآباء والأحفاد.. باقة ترفض الفرقة والتشرذم الذي ابتلي به الوطن منذ زمن.. باقة تؤكد على أن مواجهة الاحتلال ومقاومته لن تتم بوطنٍ ممزقٍ وبشعبٍ منقسمٍ على نفسهِ.. باقة تؤكد على حق شعبنا في ملاحقة جرائم الحرب، وإيقاع أقصى العقوبات، ولو بأضعف الإيمان، بكل من مارس القتل والتشريد بحق أبناء فلسطين، في أي مكان وفي أي زمان، بخاصة الرصاص الذي صُب على رؤوس أطفال غزة بداية هذا العام (2009).
بكلمةٍ أخيرةٍ، نرحب بكن أيتها القادمات من خلف القضبان، بعد أن رسمتن لوحة الوطن الذي يزهو بمناضليه ومجاهديه ومكافحيه.. وباسمكن نتوجه إلى أسيراتنا الماجدات وأسرانا البواسل، الرابضون خلف القضبان لنقول لهم: أنتم رمز شعبكم، والكل يزهو بكم وأملنا بالله، جل شأنه، أن يعجل في الفرج. 

العبيدية، 3/10/09
عزيز العصا/ نشر في القدس (مع بعض الشطب وتغيير العنوان إلى "الأسيرات") بتاريخ: 6/10/2009، ص19


إرسال تعليق Blogger

 
Top